بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

السبت، 19 سبتمبر 2015

أحمد عبدالعليم يكتب: في معنى أن تفكر



أن تفكر يعني أنك موجود، إثبات فردي تدرك من خلاله وجودك الشخصي، في لحظة ارتباك معرفي ، تدخلك في متاهات الاحتمالات اللانهائية للتثبت من وجودك المادي البسيط، ولكن هل يكفي أن يقترن الوجود الإنساني بعمليات التفكير، بوصفها الدليل على وجودنا في فضاء اجتماعي وإنساني ملئ بصعوبات وتحديات لا حصر لها، تجثم عل صدورنا وتجعلنا أحيانا نتوقف عن القيام بهذا الفعل (التفكير)، بل قد يرى البعض في مثل هذه العمليات فعل رفاهي يخرجنا من حيز (الواقعية) إلى فضاءات خيالية لا تتواصل مع واقع مترد نعيشه، وتلصق بنا وبفعل التفكير (المجرد) تهمة الهروب من مواجهة هذا الواقع الكريه الذي يدخلنا في مسالك تستعصي علينا، أو تهوي بنا إلى الدرك الأسفل في سلم الكائنات (البيولوجية).
من أين يمكننا البدء؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال الوصول لهذه النقطة، دون تخطي مرحلة تأمين المتطلبات المادية، هكذا يزعم البعض، معللين ذلك بكون هذه المتطلبات تمثل الاحتياجات الأولية الأساسية، التي تضمن الحياة للفرد وتجعله قادرا على تحقيق إنسانيته، والقيام بأدواره المتمايزة، ولا يمكن لي أن أصبح (إنسانا) دون المرور عبر هذه الخطوة (القفزة)، ويبررون ذلك بمئات المشاهد اليومية التي لا تنفك تواجهنا لأشخاص لم يتمكنوا من الوصول لهذه النقطة الفاصلة، فيتوقفون عند المرحلة الأولى (المرحلة البيولوجية)، ويسلكون مسالك تبدو أكثر (حيوانية) من كائنات أخرى تعيش معنا على نفس الكوكب . لدينا إذن معضلة أساسية تنبني على كون فعل التفكير فعلا مؤقتا غير أصيل يحتاج إلى تهيئة المناخ العام الذي يعيش فيه الفرد كشرط لممارسته، وهو ما يعني أن يسلك الإنسان إبان هذه المرحلة سلوكا غريزيا بدافع (البقاء) مثله مثل ملايين الأفراد من الكائنات (الحية)، هكذا تستدعي المقدمات النتائج، ففي اللحظة التي أضع فيها شروطا مرحلية تستلزم القيام بفعل ما، أن أضمنها على المستوى الذاتي أو الموضوعي، يصبج القيام بالفعل مرهونا بتحقيق هذه الشروط . وفقا لأصحاب هذه المقولة يحيا ملايين البشر في واقع لا يمتلك توفير الحدود الدنيا (المقومات الأساسية) التي تضمن قدرة الإنسان على ممارسة إنسانيته، عبر القيام بالأفعال المتمايزة التي تجعل الفرد يقفز من نقطة الكائن الحي إلى نقطة (الإنسان)، ومن ثم يصبح من الممكن الحديث عن مستويات وتمايزات داخل (النوع) تحددها قدرة الفرد على تخطي المراحل الحيوانية للوصول إلى الفعل الإنساني المتمايز، بل ويمكن الحديث عن تمايزات داخلية لهؤلاء الذين قفزوا خارج منظومة (الوجود الحيواني) ليحلقوا عاليا في فضاء الإنسانية عبر أفعال تؤكد هذا التمايز ، وهذا الفصل بين الكائنات الحية جميعا والإنسان.
على النقيض يرى البعض أن فعل التفكير هو أرقى ما في (الإنسان)، وهو ميزة أصيلة يقوم بها في كل الأحوال ودون شروط موضوعية مسبقة، فالفرد يمارس إنسانيته في كل لحظة يعيشها ، ويسلك دروبا متباينة من أجل أداء هذا الفعل الأصيل، بصرف النظر عن الشروط الموضوعية التي يعيش فيها، فهي سمة أصيلة في صميمه وليست قدرة مؤقتة مرهونة بشروط موضوعية ما، ومن ثم يصبح البشر جميعا متساوون، وإن كانوا متفردين من حيث الإمكانات الذاتية، ومن حيث قدرتهم على التعامل مع واقعهم الفردي والاجتماعي، بأساليب متباينة، على مستوى إدراك هذا الواقع من ناحية، وعلى مستوى تجليات التعبير عنه والتعامل معه من ناحية أخرى، وهذ ما يجعل الكائن البشري متميزا، إذ يمكنه إدراك واقعه في سياق من التصورات والوقائع التي تجعله يتخذ موقفا تجاه العالم الذي يعيش فيه.
أدرك وجودي بوصفي كائن لديه متطلبات بيولوجية تلح عليه بانتظام، وتجعله ينشغل بتأمينها كي يتمكن من مواصلة الحياة في مستوياتها الدنيا، وتؤمن له إمكانية البقاء وأداء أدواره بوصفه (إنسان)، يمتلك قدرات متمايزة تجعله مختلفا عن بقية تلك الكائنات التي يندرج تحتها من الناحية المادية والفسيولوجية .

أنا أفكر إذن أنا موجود ليست قدرا ولكنها اختيار بين أن أكون (إنسانا) أو أن أكون (حيوانا).
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: في معنى أن تفكر Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top