بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الجمعة، 25 سبتمبر 2015

أحمد عبدالعليم يكتب: أوهام العقل (1)

نبحث جميعا عن المعرفة، ونتمنى الوصول إلى (الحقيقة)، قد (يعتقد) بعضنا أنه قد وصل إليها، والبعض الآخر يرى أنه يسعى للوصول إليها، لعله يعتقد أنها (أكبر) أو (أضخم) أو( أصعب) من الوصول إليها، فيتواضع قليلا عند الحديث عن هذا الجزء الذي (امتلكه) من (الحقيقة) ويمنح مساحات معرفية لمن يعتقد أنه قد حاز جزءا آخرا منها. يظنها البعض منحة مقدسة توهب للمصطفين من البشر، ويراها البعض الآخر نتيجة يحصل عليها من يعمل، ويكد، ويشقى. (كثيرون منا يعلمون قصة الفيل ومجموعة العميان والتي وصف (عرف) فيها كل منهم الفيل وفقا للمنطقة التي لمسها من الفيل).

ويميز منظروا المعرفة بين الحقيقة (الميتافيزيقية) بمعنى الحقيقة المجردة غير المادية (العقلية)، والحقيقة العلمية (الحسية)، ويرونها إما كامنة في الأشياء كما يراها (أرسطو)، أو مستقلة عن الأشياء في عالم مواز، كما قال (أفلاطون)، وكل منهما يرى أن الحقيقة هي (ماهية الشيء). في حين يرى البعض أن الحقيقة الوحيدة التي تحكمنا هي (النتائج المباشرة)، فالــ(حقيقية) هي تلك التي تمنحنا نتائجا مفيدة، أو نافعة، أو عملية، على المستوى المادي أو المعنوي (البرجماتية الأمريكية)، وهناك أيضا من ينكر وجود (الحقيقة) بوصفها (وجودا) مستقلا، مكتملا يقبع في مكان ما، وعلى الإنسان أن يبحث عنها، بينما يراها مجرد نتائج وتصورات إنسانية، لعمليات عقلية وخبرات إنسانية، وإدراكات حسية، ومن ثم يمكن للإنسان/الفرد أن يتوصل لــ (حقائق) وليس (الحقيقة)، إذ ينفي عنها صفة الثبات أو التقديس، ويعتبرها اجتهادات إنسانية، يقدمها الإنسان لتسهيل وتنظيم حياته على هذا الكوكب، وبينما الوضع على هذا الحال يكتفي بما يمكنه أن يحقق له هدفه، وهو في هذا لا يؤمن بوجود (الحقيقة) مستقلة، لكنه يؤمن بوجود (حقائق) معرفية/علمية.

نستطيع إذن أن نتوصل إلى مجموعة من النتائج عندما نمتلك ما نظن أنه (الحقيقة)، فإذا كنت تظن أن الحقيقة في عالم آخر غير عالمنا، يمكنك أن تنظٌــم علاقات بينية بين العالمين، وترى في كلا منهما منظومة الحقيقة، وإذا كنت تتصور أنك تمتلك بعضا/جزءا من الحقيقة ستتمكن أيضا من تقديم مفهوما متكاملا للعالم، مثلما يمكنك فعل هذا إذا تركت التصورات العقلية جانبا، وذهبت نحو النتائج العملية المباشرة، وفي كل الأحوال يسعى الإنسان إلى الإجابة عن مجموعة من التساؤلات التي من شأنها أن تمنحه تصورا/تفسيرا متكاملا للعالم، ويقوم العقل الإنساني باستكمال هذه المنظومة ذاتيا وفق ما يمكن أن يدركه بوصفه مجموعة التصورات المبدئية حول (الله ـــــ العالم ــــ الإنسان) ومن ثم يبني الإنسان منظومته الخاصة. فلا أحد ينكر أن هناك أفكار مجردة ينبغي أن نعي بها عندما نتوسل طريقا إلى المعرفة، وهذه الأفكار لا يمكننا أن نرى لها تمثلات عينية، أو تعبيرات مادية في الواقع، مثلا عندما نتحدث عن (الحق ـــــ الخير ــــــ الجمال ـــــ الحب ـــــ الحرية ...ألخ) فنحن لا نستطيع أن نضع، أو نتخيل هذه الأفكار في جسد مادي ما، مثلما نستطيع أن نفعل هذا، عندما نتحدث عن شيء مثل (الحصان ـــــ الماء ــــ كوكب الأرض ـــــــ النار ــــ الذرة ... ألخ )، فبينما ندرك الأولى عن طريق (العقل) ندرك الثانية عن طريق (الحواس)، وربما عن طريق امتداداتها مثل الميكروسكوب أو التليسكوب أو غيرها من الأدوات المعينة للحواس، ونستطيع أن نصدق، أو نكذب الشخص عندما يتحدث عن الثانية، بينما لا يمكننا أن نتهم أحدهم بالكذب، أو ننعت أحدهم بالصادق، عندما يدلي بدلوه في الأولى.
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: أوهام العقل (1) Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top