بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الثلاثاء، 9 يناير 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: رسائل إلى ... الرسالة الأولى: المسئولية



يتمتع مفهوم المسئولية بسمعة سيئة في أوساط مجتمعاتنا المصرية، حيث يرتبط بمفاهيم يراها كثيرون منا سلبية مثل: المحاسبة، والخطأ، والعقاب والثواب، والمواجهة والتحدي، وتشكل هذه المفاهيم مجتمعة ضغوطا كبيرة على الشباب في مرحلة المراهقة عند مناقشة مفهوم المسئولية، وخاصة عند مطالبة أحدهم بتحمل مسئولية تنفيذ أو القيام بعمل ما... إذ يصبح الشخص الذي يتمكن من الهروب من تبعات المسئولية هو الأفضل، والقادر على الإفلات منها هو الأذكى، ونستطيع أن نميز هذا الموقف عندما نعرض على أحدهم أن يتولى القيام بمهمة ما، وأن يفعلها بالطريقة التي يراها مناسبة، فنجده يهرب من القيام بمثل هذه المهمة، أو يكون صريحا فيسألنا أن نخبره بما يجب فعله، والخطوات التي نريدها، وأنه سيقوم بتنفيذها وفقا لهذه التعليمات والإجراءات على الفور ( قل لي ما الذي تريدني أن أفعل بالضبط ...؟! وسأقوم بفعله على الفور ... ). 
ولا يهمنا الآن كيف تأصلت في وجداننا مثل هذه الأفكار، قدر الاهتمام بمناقشتها والتخلص منها وتغييرها قدر الإمكان ...... 
يرتبط مفهوم المسئولية بمفهوم (الحرية)، ويرتبط مفهوم الحرية بمفهوم (الاختيار)، ولا يعني كلا من مفهومي الحرية والاختيار، أن أسلك وفقا لما أريد، دون قاعدة أسير عليها، أو قانون يحكمني، فليست الحرية هي المرادف للفوضى كما يظن البعض، بل إنها المرادف للإرادة القوية، والفهم الواعي لطبيعة موقفي، ولقدرتي الشخصيية على اتخاذ قرار أراه في هذه اللحظة مناسبا، وتحمل تبعات هذا القرار، سواء أكانت هذه التبعات سارة أم مؤلمة.
يحكي لي أحد الأصدقاء: بينما كنت أركب الأوتوبيس متوجها لإحدى مدن الدلتا، وكان الأوتوبيس مكيفا وبالتالي مغلق، شممت رائحة دخان سجائر، وكان بين الراكبين أطفالا (لا يمتون لي بصلة ما)، فتوجهت على الفور للشخص الذي يدخن طالبا منه (برجاء) الكف عن التدخين، وإطفاء السيجارة نظرا لوجود أطفال بين الركاب، فما كان منه إلا أن نظرا إلي مندهشا، ثم أعقب النظرة بكلمة ( أنا حر ... انت ماتعرفش أنا مين)، فنبهته متجاهلا ما قاله: الأوتوبيس مكيف، وكل نوافذه مغلقة، وبالتالي فالجميع يشاركك التدخين بمن فيهم الأطفال، فرد باستفزاز وانزعاج: هل من بينهم ابنك أو ابنتك، فقلت: لا، فشعر بانتصار وزهو ورد: وانت مالك إذا كان أبائهم لم يعترضوا، فرددت عليه بإصرار وحدة وانفعال: ما تقوم به هو فعل خاطئ وضد القانون ... وطلبت من سائق الأوتوبيس أن يتوقف، وبدأ بعض الركاب في التدخل بتعليقات لصالحي، وبعضهم بتعليقات (سمجة ومحبطة، مثل: وانت مالك، هو يعني انت اللي هاتغير الكون، دع الملك للمالك... الخ) وشعر الراكب المدخن بوجود أزمة، فقام بإطفاء السيجارة مرغما، مع تعليق أدهشني (هو انت لو كنت قلت لي بذوق كنت طفتها على طول) واستغربت لهذا التعليق، (لأني فعلت هذا فعلا بمنتهى الذوق) ولكنني لم أعلق، بل شكرته، وجلست في مقعدي أفكر في هذا الموقف طوال الطريق ... هل نحن بالفعل أحرارا في إيذاء الآخرين، ولما هذه السلبية بين الناس والتي تراءت لي من خلال تعليقات كثير من راكبي الأوتوبيس.... فأجبته على الفور لا ليست هذه هي الحرية ... بل فعلك هو الذي يعبر عن الحرية.
إن تحملنا للمسئولية يعني:
أن نصبح قادرين على القيام بأفعال غالبا ما نرجئها بسبب خوفنا من تبعاتها التي لا نعلمها بالفعل، بدلا من أن نتبنى آراء أكثر رحابة وفاعلية، وأفعالا أكثر إيجابية ، أن نقتنع بما نقوم به من أفعال، وأن نكون قادرين على الدفاع عنها وإقناع الآخرين بها...
وأنت صديقي ... لا تكثر الشكوى من الكبار ... ولا تتعلل بعدم قدرتك على تغيير مواقفهم الجامدة ... بل تأمل نفسك ... ابحث عن التميز الإيجابي الذي يعلي من شأنك، وليس التميز المظهري وحسب... لا تكتف بالتذمر والغضب، بل أقم حوارا بناء مع الكبار، أظهر لهم احترامك لأفكارهم حتى لو كانت مغايرة لفكرك، اعرض لهم فكرتك أو رأيك بأسلوب متكامل، فيقدرونها وإن اختلفوا معها، ويقدروك وإن اختلفت معهم... تأمل ذاتك، وابحث لنفسك عن (شخصية) تسعى لأن تكونها في المستقبل... لا تفكر في يومك فقط بل فكر في غدك أيضا... أمامك فرص كبيرة (بحكم عمرك) للتعلم واكتساب الخبرات اللازمة لمواصلة حياتك بطريقة ناجحة فلا تضيعها... كن مسئولا... وابحث في أعماقك عن نقاط تميزك، وتمسك بها، وحاول تنميتها... كن مسئولا... واعترف بخطئك إن أخطأت، مهما كانت التبعات، وتعلم منها... كن مسئولا... وابدأ في مراجعة نفسك دون تحيز، وغير مما تراه سلبيا فيها... كن مسئولا... واكتشف حلمك، قوي عزيمتك، وثابر من أجل تحقيقه... كن مسئولا... يحترمك الكبار والأقران وإن اختلفوا معك... كن مسئولا ... يقدرك الجميع وإن لم ترق لهم، أو لم يحبك بعضهم ... 
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: رسائل إلى ... الرسالة الأولى: المسئولية Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top