بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الثلاثاء، 8 مايو 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: ما بعد الايديولوجيا... صراع جيلي وتناقضات مضللة


ربما لا توجد رؤية نظرية بريئة، مثلما أن العقل ذاته لا يمكن أن يكون حياديا يحلق فوق القوى السياسية والتطورات الاجتماعية، بل هو انعكاس في كل لحظة لدرجات المعقول واللامعقول الباديتين في أية حالة اجتماعية واتجاه تطورها، عندما يعبر عنهما بصورة تجريدية، وهو بذلك يستطيع أن يدعم أو يوقف تطورها، وهو الأمر الذي يدفعنا للتيقظ والتساؤل حول مواقفنا ورؤانا، وقدرتها على دعم أو تعويق الظرف الاجتماعي الذي تورطنا في تفصيلاته، ومن ثم قياس مدى فاعليتنا.
ففي كل مجتمع من المجتمعات تتشكل طبقة يطلق عليها (النخبة)، وهو أمر معتاد في المجتمعات (الحديثة) وخاصة تلك التي تتبنى شكل الديموقراطية (التمثيلية)، والتي تعني وترغب في أن يكون هناك ممثلون عن المواطنين للتعبير عن احتياجاتهم وآرائهم في الموضوعات التي تتعلق بشئونهم الخاصة والعامة، عبر المنابر المختلفة (الإعلامية والسياسية ولاجتماعية ...الخ). وكذلك تقوم بالدفاع عن مصالح الفئات التي تنحاز إليها نتيجة إيمانها وانتمائها، ففي ظل هذه المجتمعات يصبح من المشروع أن تتطلع لمن يمثل طبقتك أو فئتك، مهما كان صغر حجم هذه الفئة، ويصبح من المشروع أيضا أن تعبر عن ما تراه حقك في هذا المجتمع، وأن تضغط لتحقيق مصالح طبقتك أو فئتك التي تنتمي إليها أو تنحاز إليها. وكنتيجة لتعقيدات المجتمعات الحديثة وازدياد تعداد سكانها، تقوم النخب السياسية أو الاجتماعية أوالثقافية بهذا الدور في النضال من أجل فئات يمثلونها أو يعبرون عنها، وهم دائما في احتياج إلى دعم ومساندة ومشاركة هذه الفئات، للتأكد من أنهم قادرون بالفعل على القيام بهذا الدور وتمثيل هذه الفئات.
بينما أدت التطورات التي حدثت على مستوى تكنولوجيا الاتصالات في العقود الثلاثة الأخيرة إلى تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات الاجتماعية في كثير من المجتمعات الحديثة، ومن ثم في طبيعة تصورات المجتمع عن (النخبة)، حيث أصبحت الممارسات السياسية التقليدية بحاجة إلى إعادة تقييم للجدوى، وخاصة في شكلها الحزبي، مما وضع كثير من الأحزاب في تحديات وجودية كبيرة، وخاصة وقد نتج عن أزمة الأحزاب (الداخلية والخارجية) ظهور أشكال وممارسات سياسية جديدة (الحركات الاحتجاجية – الحركات الشبابية – الحركات المطلبية المدنية ...الخ ) باتت تهدد مكانة الأحزاب، وتحرمها من مشاركة كثير من الأجيال الشابة التي تمثل الرافد الأساسي لاستمرارية الأحزاب، خاصة وأن طابع العلاقة بين الأشكال الجديدة والأحزاب التقليدية يسوده مناخ من الخصومة وعدم الثقة المتبادلة.
وربما يمثل الصراع بينهما، في جزء منه صرع جيلي، بين أجيال مختلفة التوجهات والتركيبات الإنسانية والثقافية، إلا أن جزء كبير من أزمتها يعبر بوضوح عن عدم قدرة على التفاعل الإيجابي مع مقتضيات التطور وتفهم التغييرات الطارئة من قبل السياسيين التقليديين، ورفض تام للمنظومة الحزبية من قبل الحركات الجديدة وغير التقليدية الناشئة، وفي ظني أن كل منهما يفتقر لما يملكه الطرف الآخر .
إذن نحن أمام معضلة وجودية حيث يشعر كل طرف ليس فقط برفض حاد للطرف الآخر، بل في رغبة في إزاحته، ظنا منه أن هذا الفعل يمنحه حرية الحركة، ويضمن استمراره وتطوره ونموه، وفي ظني أن كلا من الطرفين يمتلك جزءا هاما وحيويا، كما يمتلك بعضا من أسباب النجاح، وربما يصبح تفهم كل طرف من الطرفين لطبيعة وأدوار ومنطلقات الطرف الآخر مزية تمنح كلا الطرفين قدرة أكبر على الإنجاز، كما تمنح كل منهما ميزات إضافية في امكانات الفعل، ومن ثم قدرة أكبر على الصمود والمقاومة
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: ما بعد الايديولوجيا... صراع جيلي وتناقضات مضللة Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top