بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الاثنين، 7 مايو 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: مابعدالأيديولوجيا.. خطوات للخلف والبحث عن خطوة للأمام


ربما تمتلك مصر تجربة ديموقراطية (قديمة)، وربما كذلك تمتلك تاريخًا حزبيًا طويلًا، كما يزعم المؤرخون السياسيون، لكنني في الواقع لا أستطيع أن أربط هذه التجربة وهذا التاريخ بنشأة الأحزاب (الجديدة) في سبعينات القرن الماضي مهما حاولت أن أقدم من تسهيلات علمية أو تاريخية تبرر هذا الارتباط، فالقطيعة قد حدثت بالفعل منذ فترة ـسياسيا وحزبيا- ومن ثم أظن أنه من الأفضل عند التطرق للحديث عن الأحزاب السياسية في مصر أن أبدأ بهذه النشأة الحديثة، وهي نشأة ـفي ظني- متفردة.

نشأت التجربة الحزبية برمتها في إطار قرار رئاسي (جمهوري) بعودة التعددية الحزبية في مصر بعد انقطاع، وتضمن القرار طبيعة الأحزاب (الأولى) التي يجب أن تنشأ، فقد قررت رئاسة الجمهورية في وقتها أن الشعب المصري ينتمي سياسيا (بعضهم) لليمين، و(بعضهم) اليسار، و(أغلبيتهم طبعا) للوسط، فاتخذ رئيس الجمهورية قرارا بإنشاء ثلاثة أحزاب سياسية بناء على هذا الاستنتاج، وانتمى بالطبع للحزب (الوسطي) الذي سار على الفور حزب الأغلبية، وبدأت معها (التجربة الديموقراطية الوليدة في مصر).
على مستويات سياسية أخرى كان هناك صراع تاريخي مكتوم بين أحزاب (تنظيمات) سرية كانت قد تآكلت بفعل التقادم، أو بفعل الصراع الايديولوجي مع الدولة الناشئة، منها (جماعات الإسلام السياسي)، وبعض من الأحزاب الشيوعية، ولكنها كانت متواجدة من الناحية العملية عبر أطر سياسية متنوعة، ومتورطون بشكل أو آخر في الحوارات السياسية القائمة في هذه الفترة الثرية بالأحداث السياسية، والاجتماعية، وبدا لكثيرين أن التغيرات الاقتصادية والسياسية الطارئة ليست في صالح المنظومة السياسية (الناصرية)، خاصة وقد تبين لكثير منهم أن النظام السياسي الجديد، (الذي بدأ يتمكن بعد نصر أكتوبر) في عداء غير معلن مع التجربة الناصرية، وتبدى ميوله الواضح نحو الخضوع للهيمنة الأمريكية، وسماحه لجماعات الإسلام السياسي في التحرك لضرب الحركات الشيوعية واليسارية في الشارع وفي الجامعة والتي كانت تناهض سياسات السلطة، على الصعيد الخارجي وما يتعلق بالقومية العربية والقضية الفلسطينية، والتي انتهت باتفاقية مع العدو التاريخي برعاية أمريكية، وعلى الصعيد الداخلي بسياسات اقتصادية تنحاز لاقتصاد السوق فيما عرف بــ (الانفتاح الاقتصادي)، والذي ساهم في سنوات قليلة في تغيير البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع المصري، بل وأعاد ترتيب منظومة القيم داخل المجتمع المصري، وانتصر لقيم كانت تعد في السابق جرائم ضد الشعب والمجتمع.
لم تتغير الأحوال كثيرا عقب اغتيال (الرئيس السادات) على يد جماعات الإسلام السياسي التي رعاها نظامه، وتولي نائبه الحكم، إذ استمر الحال على ما هو عليه فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والداخلية، فقط زاد التضييق على الأحزاب السياسية تحت دعوى أمن الوطن وتماسكه ووحدته، في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية التي تحيط به، وعلى مدار ثلاثون عاما من حكم مبارك نشأت فيها بعض الأحزاب الجديدة، وتمكن الحزب الحاكم من السيطرة المطلقة على مقاليد الأمور السياسية وخاصة (الانتخابية)، وتمكن فيها رجال نظام مبارك من الإمساك بمفاتيح الاقتصاد المصري وركائزه، خاصة مع الإسراع في عمليات الخصخصة، فيما أطلق عليه (سياسات إعادة الهيكلة)، والتي أدت إلى تخلي الدولة عن القطاع العام، وتراجعها عن أداء دورها المتفق عليه ضمنيا، من خلال (عقد اجتماعي غير مكتوب) بين رجالات دولة يوليو والمجتمع المصري والذي بمقتضاه تباطأت الإصلاحات السياسية (الديموقراطية)، في مقابل بعض مكتسبات العدالة الاجتماعية، والتي تضمنت آنذاك توفير (الدعم)، والرعاية الصحية، والضمان الاجتماعي، والتعليم...الخ لكل المواطنين، وفي كافة هذه الإجراءات كانت الأحزاب السياسية غائبة عن المشهد، وتراجع دورها الجماهيري، وتقلص حجم عضويتها، وارتبطت بمصالح مباشرة أو غير مباشرة مع النظام الحاكم.
بحلول عام 2010 كان المجتمع المصري يئن تحت وطأة مشكلات ضارية أخطرها الفقر والجهل والمرض، وانتشار الفساد والمحسوبية، وتفشي الرشوة، ومن ناحية أخرى كان الفساد السياسي من جانب الحزب الوطني الحاكم، والصمت المطبق من قبل معظم الأحزاب السياسية (المعارضة)، واعتصامها برؤاها التقليدية، وصعود جماعة الاخوان المسلمين سياسيا واقتصاديا، وظهور الحركات الاحتجاجية الشبابية، هو المناخ السائد الذي عبر عنه برلمان نهاية العام 2010 الذي خلا تقريبا من الأحزاب (المعارضة) وتمكن الحزب الوطني من حصد مقاعد البرلمان إلا قليلا.
وبينما كان الوضع على هذا النحو، كان النظام الذي يشعر بضعف موقفه آنذاك يغض الطرف عن بعض الممارسات الاحتجاجية، والتي تميز أغلبها برفض لأشكال التنظيم التقليدية (اعتصامات عمال المصانع أمام مجلس الوزراء، بعض المظاهرات الشبابية الاحتجاجية، ظهور بعض البرامج الإعلامية التي تقدم انتقادات لأداء الحكومة ( دون المساس بمبارك بوصفه رمزا لمصر) ... كما ظهرت بعض الجرائد المستقلة التي تعطي مساحات لأصحاب الآراء المعارضة، وبدأ تسليط الضوء على كثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ...الخ)، في الوقت الذي حاول فيه النظام التعبير عن قوته عبر استخدام الآلة الأمنية بصورة أكبر، وعلى ما يبدو أن التناقض الذي بدا آنذاك تجلى من خلال ضعف مؤسسات الدولة وعدم كفاءتها واستعراض وتدخلات أمنية فاضحة، وبين صراع داخلي على مقاليد السلطة بين رجالات النظام، وتزايد حدة السخط العام على سياسات وإجراءات تضاعف من حدة المشكلات اليومية التي تواجه المواطنين.
على صعيد آخر كانت الأحزاب السياسية جميعها قد ارتبطت بالرؤى السياسية التي كانت سائدة في مرحلة الحرب الباردة، والتي انتهت بسقوط الاتحاد السوفييتي في العام تسعين من القرن الماضي، وبدأت في هذه الحقبة رؤى جديدة تتشكل، لم تتمكن القوى والأحزاب السياسية التقليدية أن تستوعبها، وبينما كانت الأيديولوجيات العقائدية تتهاوى في العالم رويدا رويدا، وبينما تفقد الأحزاب السياسية المصرية علاقاتها المباشرة بالجماهير، وتتمسك برؤيتها القديمة، وترتكن على مفاهيم سياسية انتهت فاعليتها، كانت هناك قوى سياسية شبابية تبحث عن أدوات ووسائل تعبر بها عن سخطها ورفضها لما يحدث على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: مابعدالأيديولوجيا.. خطوات للخلف والبحث عن خطوة للأمام Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top