بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الخميس، 6 مارس 2014

أحمد عبدالعليم يكتب: الرحلة ... هل يرغب دريدا في تدمير الميتافيزيقا عبر تقنية التفكيك ؟!


 يطل العقل الأوروبي عبر دروب معرفية راسخة، يؤسسها، ويمنهجها فترتد عليه، ليكتشف ذاتا مغايرة تماما ... فالإنسان قرد يلعب في الغابة .. ( دارون ) .... والعقل ... يعجز عن أن يتعدى حدود الظاهرة ليدخل إلى "الشيء في ذاته". "كانط" ... والأرض ، موطنه، ليست مركز الكون، بل مجرد ذرة في غباره (الكون) "تاريخ الفيزياء". وأوروبا ليست أصل الحضارة، والجنس الأبيض لا يختلف عن أي جنس آخر، الخ.فانهيار المركزية الأوروبية كلا ومفردا، كان ولابد أن يجعل العقل الأوروبي يعيد النظر، ويتوقف ليبدأ من جديد، عبر تكرار الفكر ، في لعبة تتسم بالمخاطرة أحيانا، وبالتأسيس العقلي (وإن كانت لا تخلو من مغامرة) أحيانا أخرى ، عبر عملية إعادة تشكيل عقلية لأنماط من أنساق تخلو من مركز، وأن يصبح هناك ألفة (دائما) مع عبور المستقبل دون الوقوع في شرك "اليقين المطلق"، وإن كان هناك إمكانية للوقوع في شرك"الإرجاء".
يضع "دريدا" نفسه أمام حدث عقلي، الرغبة في القطيعة مع الميتافيزيقا، والتأريخ لهذه الرغبة، عبر مفهوم تأسيسي داخل الفلسفة الغربية ، وهو مفهوم البنية، ومن خلال كلمات معدودات، يضعنا أمام مفارقته العقلية المستغلقة، التي تتبدى في تلك العلاقة الإشكالية بين الفكر واللغة  ليتعامل مباشرة مع مفهوم البنية بوصفها نقطة مركزية وظيفية تتحكم في البناء الكلي، وتضع الحدود بين إمكانية اللعب (العناصر)، واستغلاقه (اللعب)  داخل النظام البنائي للبنية (بنائية البنية).
يضع دريدا "الذات" أمام "الوعي"، يواجهنا بما يظن أنه يحدث بالفعل، يخبرنا باستحالة تدمير الميتافيزيقا، وعلى الرغم من كون الميتافيزيقا (الغربية) هي نموذج للتواطؤ الإنساني، لكننا حقا غير قادرين على تدميرها، وهو ما يتبدى عبر محاولات سابقة، "حيث لا معنى للهجوم على الميتافيزيقا مع إغفال مفاهيم الميتافيزيقا، فليس لدينا لغة -ولا نحو ولا مفردات– بمنأى عن هذا التاريخ" ، ولكن يمكن لنا تفكيك تواطؤاتها ، عبر المشاركة في اللعبة ، واللعب في المناطق الممنوعة ،  فإذا كان المركز من حيث هو مركز، هو النقطة التي لا يغدو فيها استبدال المضامين أو العناصر ممكنا، إذ "من غير المسموح في المركز تبديل أو تحويل العناصر التي يمكن بالطبع أن تكون أبنية مغلقة داخل بنية .... على الأقل ظل هذا التبديل ممنوعا دائما".
يخبرنا دريدا إذن أنه لا يمكن لنا تدمير الميتافيزيقا، ولكن يمكننا تفكيكها، يمكننا المشاركة في اللعبة، ولكن لا يمكننا وضع آلياتها ، يمكننا أن (نختار)  أو (نستخدم) أو (نحيد) بعض أدواتها، ولكن لا يمكننا وضع أو صياغة أدوات جديدة. إنه يدعونا لأن نعي أننا لابد وأن ندخل اللعبة ، وأن نتواطأ على هذا ، بوصف ذلك خير من اللعب دون وعي منا بعملية (اللعب) أو (بالتواطؤات التي نتواضع عليها)، لأننا وببساطة " لا نستطيع التخلص من العلامة، ولا يمكن أن نتخلى عن هذا التورط في الميتافيزيقي، دون التخلي بالمثل عن النقد الذي نوجهه إلى هذا التورط، دون مخاطرة محو الاختلاف "بالكلية" في الهوية الذاتية لمدلول يختزل داله إلى ما هو عليه أو يقذفه خارج نفسه ببساطة".
وهنا يضعنا دريدا أمام ما يرغبه على نحو ما، عبر استخدام "ليفي شتراوس" يضعنا أمام (الموالف)، ولكي يؤكد وجوده يضعنا أما تعارضه "المهندس"، وكأني به يقول: لديك خياران:  أن تكون "مهندسا" وهو أمر مستحيل، "أسطوري" أو أن تكون (موالفا)، وهو أمر قد يحدث.
إنه يلعب معنا، ففي واقع الأمر هناك بديل واحد للخروج من مأزق: "الرغبة في نقد الميتافيزيقا / واستحالة البقاء خارجها، " وما أريد تأكيده، تماما ، هو أن الرحلة إلى خارج نطاق الفلسفة لا تقوم على قلب صفحة الفلسفة ( التي تنحدر إلى تفلسف سقيم ) بل على المضي في قراءة الفلسفة بطريقة معينة"، وفي النهاية تبدأ اللعبة عبر (الموالفة)، فالقطيعة ليست نهائية ( ولا يمكننا ذلك)، والبداية تكرار فكري، والحقيقة أسطورة يلتبس فيها الواقع والمتخيل، والآني لا يكتمل (دائما)  إلا في المستقبل.
وكأني به يقول:
إن العالم يبدو وكأنه حلم يفلت من التعين ، بأسلوب يدعو إلى التوتر ، يضع العقل في قلق دائم ، فحين يصل إلى نقطة اليأس ، يتعين الحلم بكثافة غامضة ، مريبة ، فيرتد العقل على ذاته فاحصا ، فتستغلق عليه الأفكار ، وتتلألأ الأشياء من جديد ، وتعيده الدهشة إلى نقطة البدء ، التي تعني في اللحظة نفسها " سيلان الصيرورة " .



  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: الرحلة ... هل يرغب دريدا في تدمير الميتافيزيقا عبر تقنية التفكيك ؟! Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top