بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الخميس، 21 أكتوبر 2021

أحمد عبد العليم يكتب: الطفل واللعب

 




 تبدأ الأسر المصرية منذ لحظة بدء العام الدراسي، وربما قبلها بفترة كافية، مرحلة الإعداد للعام الدراسي الجديد، وهو شئ محمود في بعض جوانبه، وتأتي على قائمة الإعداد مجموعة من الأوامر والنواهي توجه عادة للتلميذ، أهمها ضرورة الالتزام بمواعيد النوم المبكرة، والامتناع عن اللعب بوصفه سلوكا من شأنه أن يضيع الوقت دون فائدة، وهو ما يعتقده كثيرون من أولياء الأمور، وربما يكونوا معذورين في هذا، فالواجبات المدرسية التي تقع على عاتق التلميذ تثقل كاهله، ولا يصبح هناك وقت للعب أو ترفيه أو متعة، ومن ثم تؤجل كافة المشروعات المقترحة من هذا النوع داخل المنزل.

تبدأ معاناة الطفل منذ لحظة الخروج من البيت حاملا حقيبته وهي منتفخة بالكتب والكراسات فوق ظهره، وكلنا شاهدون على هذا، ثم الوصول إلى المدرسة حيث يبدأ النشاط اليومي، والوقت المدرسي ثمين، ولذا لا ينبغي أن يضيع بلا طائل، وعليه يجب أن يكرس جميعه لشرح الدروس المقررة ، وأداء التطبيقات العملية عليها، أما "الفسحة" فتخصص لمجموعات التقويةلمساعدة التلاميذ على التحصيل، وينتهي اليوم الدراسي ليعود الطفل إلى البيت، وطبعا لا وقت للراحة، فالواجبات المدرسية ومراجعة الدروس لا تقل أهمية عن الحصص المدرسية، وما إن ينتهي الطفل من كل هذا حتى يكون قد خارت قواه، فلا يبقى وقت إلا للنوم والراحة ليبدأ غد جديد لا يختلف كثيرا أو قليلا عن اليوم، رحلة معاناة يومية يعيشها الطفل، ومع الوقت لا يصبح أمامه إلا اختيار من اثنين ـأحلاهما مر، الاستمرار في هذه المعاناة اليومية، أو الإحباط واللامبالاة، وفي كلا الاختيارين يتولد لدى الطفل إحساسا كريها بالعجز، يتبدى في صور سلوكية عديدة، لعل أوضحها هو العنف الذي يمارسه الطفل على ذاته أو على زملائه وأخوته وجيرانه، وهو عادة ما يوقع أسرته في الحيرة، دون أن يصلوا إلى علاج، بينما العلاج بين أيديهم، ولكنهم لا يستطيعون تنفيذه بمعزل عن المدرسة ، العلاج الشافي هو اللعب .

اللعب لا يمثل وقتا ضائعا، أو سلوكا تافها لا فائدة منه كما يظن البعض، بل هو فعل تربوي هام ورئيسي، يمنح الطفل الاتزان البدني والنفسي، ويشعره بالسعادة والاستمتاع. وهو أيضا وسيلة تعليمية ناجحة، فعن طريق اللعب يمكن توصيل المعلومة أو المهارة المراد توصيلها، وعن طريق اللعب تتفتح حواسه وتنمو. واللعب أيضا وسيلة رئيسة في التنشئة الاجتماعية للطفل، إذ باستخدام اللعب يتعلم الطفل قوانين الضبط الاجتماعي، و قواعد السلوك، مثلما يتعلم الانتماء والتكيف، فتتكون منظومته القيمية، وينشأ قادرا على التواصل مع المجتمع ومؤسساته الاجتماعية، متقبلا لذاته، ومن ثم متقبلا للآخر. فاللعب ببساطة هو الفعل الذي يمنح الإنسان إنسانيته كما قال "شيللر" .

ولكي يتمكن الأطفال من اللعب، ولكي يصبح جزءا من المنظومة التربوية، يجب أولا على أولياء الأمور أن يتعلموا كيف يتعاملون مع أبنائهم، وأن يؤمنوا بحقهم في ممارسة الحياة، وأن يعلموهم كيف يشاركون في صنعها، وأن يمنحوهم الفرصة في اختيار الطريقة التي يحيون بها، وربما يسأل سائل: وهل يوجد أحد لا يحب طفله، ولا يتمنى أن ينشأ سويا معاف، وأن يكون ناجحا في حياته وسعيدا ؟! والإجابة بالطبع " لا ". ولكن ما يحدث بالفعل هو العكس، فوفقا لما يحدث في الواقع قد تتمكن الأسرة ومن ثم المجتمع من تنشئة وإعداد شخص ناجح، ولكنه لن يكون سعيد أو سويا، والأمثلة أمامنا في الحياة اليومية وفي وسائل الإعلام لا حصر لها .

ولكي يتمكن الأطفال من اللعب، يجب على القائمين على العملية التعليمية في مصر أن يردوا لهذه الوسيلة التربوية الهامة اعتبارها، بأن تصبح ضمن المنظومة التعليمية الرسمية، أن يتعلم المدرس احترام اللعب، وأن يتعلم كيف يلعب. أن تعدل المناهج والمقررات الدراسية لتتناسب مع اللعب كوسيلة تعليمية، أن تتغير فلسفة التعليم، أن نقلل من حجم الاعتماد على الذاكرة لصالح الاعتماد على كافة قدرات الطفل العقلية والحسية. أن تحترم حصص الرياضة البدنية ، وحصص الأنشطة العملية والترفيهية ـ الزراعة، الرسم، التدبير المنزلي، النشاط الفني والثقافي ..الخ ـ أن يوضع ضمن المنهج الدراسي برنامج للرحلات الترفيهية والثقافية ـحدائق ، متاحف ، مسارح ..الخ ـ . وقبل كل هذا وذاك أن يؤمن القائمون على تربية الطفل جميعهم بحق الأطفال في اللعب .

  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبد العليم يكتب: الطفل واللعب Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top