بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الثلاثاء، 10 أبريل 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: خسارات فادحة وعواقب وخيمة



تعبر الدولة عن روح الجماعة والإرادة العامة، فالروح تحقق حريتها في الدولة وعبرها، ومن ثم فعلينا أن نعترف بأن فكرة الحرية لا توجد بالفعل إلا في واقع الدولة، ولن تتحقق الحرية عملياً إلا عندما تعبر الدولة عن أهداف المجتمع، من خلال اختيارات الأفراد، فالدولة أحد منجزات العقل، وبالتالي فإن العقل معيار التحليل لشكل الدولة كما يرى "هيجل"،  ومنا هنا يجب على الدولة أن تكون في خدمة المجتمع، الذي شيد لرعاية مصلحة الفرد في الرخاء والسعادة والأمن والحرية، ولكي تمارس الدولة وظائفها بوصفها تجمعا سياسيا وعقلانيا فإنها تلجأ بالإضافة إلى الوسائل القانونية إلى العنف المادي، فهي وحدها تمتلك هذا الحق بل وتحتكره كما يؤكد ماكس فيبر، ولكنه عنف يتسم بالعقلانية والمشروعية لحمايته للحق العام، ومن ثم فالدولة التي تتعسف في استخدام الوسائل القانونية وأدوات العنف التي تمتلكها تفقد أسباب وجودها ومن ثم شرعيتها.
ويشكل المجتمع المدني الحيز المستقل الذي يعبر عن المصالح الفردية والجمعية بعيدا عن الدولة، أي أنه الفضاء الذي تلتقي فيه مصالح الأفراد من خلال علاقات السوق، والتواصل، والرغبات والأهداف الفردية، والدولة الديمقراطية هي التي توفر الأطر المختلفة التي تشجع على قيام المجتمع المدني ومؤسساته بمهامها الاجتماعية، الرقابية والمؤسسية والتطوعية، وفقا للدستور والقوانين ذات الصلة بعملها ونشاطها، ومن ثم لا يجوز بأي حال من الأحوال الجور على الميدان العام الذي تشغله منظمات المجتمع المدني، إذ إن وجود مجتمع مدني نشط من شأنه أن يشجع احترام المواطن للدولة والتعاطي الايجابي معها، ويضاعف من قدرة الجماعات على التضامن وتحسين وضعها.
لقد امتد تاريخ منظمات المجتمع المدني لعمق تاريخ الدولة المصرية الحديثة، إذ لعب دورا هاما في دعم التطور الذي كانت تصبو له الدولة المصرية خلال سنوات وجوده، وشارك تطلعات مؤسسات الدولة وطموحات المجتمع في مجالات متعددة ربما يأتي في مقدمتها تطوير التعليم، وتوسيع مستويات إتاحته لفئات اجتماعية لم تكن قادرة على الوصول إليه دون مخاطر التعثر، وربما كان إنشاء (جامعة القاهرة) هو درة التاج في هذا المجال، كما قامت تلك المنظمات بدور لا يمكن اغفاله على مستوى مساندة الفئات الأكثر فقرا ، وتطورت وظائفها وآلياتها تبعا لتطور مفاهيم وآليات العمل الإنساني المدني/الأهلي على المستوى المحلي والعالمي، فقد امتد نشاطها ليشمل مجالات متنوعة تغطي مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية المصرية المختلفة، وهو الأمر الذي يعكس دورها وأهميتها على مستوى الفرد والمجتمع، إذ تمكنت من خلال عملها من مساندة الفئات "الأكثر هشاشة" تلك التي يتزايد عددها نتيجة لتراجع دور مؤسسات الدولة للقيام بدورها.
وفي ظل حالة التماهي بين الدولة والسلطة والمجتمع، وتراجع العمل السياسي، وغلق المجال العام، وفي ضوء قانون ينذر بتراجع دور منظمات المجتمع المدني، وبالتالي عزوف المواطنين عن العمل الأهلي التطوعي، ومن ثم تنفرد مؤسسات الدولة بالمجتمع لتفرض سطوتها، وتتغول على مساحات لا يمكن شغلها دون وجود منظمات أهلية/ مجتمعية قادرة على التعبير عن طموحات الفرد ومشاعره، وعلى بلورة رؤى ومواقف جمعية، من شأنها أن تصحح مسارات مؤسسات الدولة التي تمثل طرفا واحدا من أطراف (العقد الاجتماعي)، في  ظل مثل هذه الحالة تفقد مؤسسات الدولة دورها في خدمة المجتمع، مثلما تفقد شرعيتها التي تأسست عليها بوصفها كيانا قد شيد لكي يرعى مصلحة الفرد في الرخاء والسعادة والأمن والحرية، وهو الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة تهدد السلم الاجتماعي، مثلما تهدد تطور المجتمع واستقراره.

  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: خسارات فادحة وعواقب وخيمة Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top