بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأربعاء، 10 يناير 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: رسائل إلى...الرسالة الثالثة: الحـلم ...والمعنى



لكي أتمكن من تحقيق المهام والأدوار التي ترتبط بي ، ولكي أتمكن من أن أكون شخصا مسئولا قادرا على الإنجاز، من الضروري أن أتمتع بوضوح الرؤية، وأن أتعرف على ضرورة كل مهمة مرحلية أقوم بها ، ولماذا أقوم بها ، وعلى كل دور ألعبه في الحياة ، وما أهميته بالنسبة لي ... ولكي أحقق هذا ، يجب أن يصبح لحياتي معنى واضح ، ولكي يكون لحياتي معنى واضح ، يجب أن أمتلك حلما واضحا ، يشمل حياتي كلها ، حاضرها ومستقبلها ، يربط كل المتفرقات التي أقوم بها ، ويعطي لكل فعل معنى بجوار الفعل الآخر ، فتترابط حياتي ، وأتعرف على مفرداتها ، وأتمكن من تحقيق ما أريده ، وأمتلك المبررات المقنعة لما أقوم به ، أو أضطر لإنجازه من مهام وأدوار ، وبالتالي أتمكن من أن أصبح شخصا مسئولا ، قادرا على الإنجاز ، ومن ثم النجاح. 
قصة نجاح:
في سنة من السنين، كنت أعمل في برنامج تعليمي بعنوان " مهارات الحياة" ، مع مجموعة من الشباب اللاجئين، مابين الخامسة عشر والثامنة عشر، وفي أحد المرات كنا نقوم بعمل تدريب حول: " ماذا أريد ؟! ... ماذا أستطيع؟! ... وطلبت من كل منهم الإجابة على هذين السؤالين.
كان من بين الشباب فتاة في السابعة عشر من عمره ، وكانت من جنوب السودان ، توقف تعليمها عند المرحلة الابتدائية هناك ، وأصبح تعليمها في مصر تعليما غير رسميا (لا تحصل على شهادة إجازة للمرحلة التعليمية التي تمر بها) ، وكانت من أسرة فقيرة .
قامت الفتاة لعرض موضوعها فقالت : للإجابة على السؤال الأول (ماذا أريد ؟) ... أريد أن أصبح طبيبة لكي أعالج أهلي في جنوب السودان من الأمراض التي يعانون منها ... ثم أعقبت هذا بقولها : وللإجابة على الجزء الثاني من السؤال (ماذا أستطيع ؟) ... أمتلك مجموعة من المعلومات العلمية المفيدة في بعض فروع العلم التي تؤهلني لكلية الطب ... أستطيع ببساطة ويسر التعامل مع الكومبيوتر والانترنت ، وهو مهم في البحث والتعرف على مزيد من المعلومات ، وربما يصبح طريقة لتحقيق حلمي من خلال التعلم عن بعد ...  أمتلك لغة ثانية هي اللغة الإنجليزية ، وهي مفيدة ومهمة لي من أجل التعلم في هذه الكلية ...
ولا أخفي عليكم سرا فقد أدهشني حلمها ، فسألتها : هل لديك الشهادة الثانوية الرسمية ، وأعقبت ... إنها شرط مهما لتحقيق حلمك ... فأجابتني بثقة وتحد : لا ... هذا هو ما ينقصني في هذه المرحلة ، وأبحث عن حل له ...
بعد سنتين من هذا الحوار تقدمت هذه الفتاة لمنحة أعلنت عنها الجامعة الأمريكية في القاهرة ، وكانت المنحة مشروطة باجتياز اختبار (شديد الصعوبة ، لم يتمكن بعض المتقدمين للمنحة من اجتيازه) ، وبالفعل تقدمت الفتاة ودخلت الاختبار ، ونجحت فيه ، كانت سعيدة أيما سعادة ، لتمكنها من اجتياز هذا الاختبار ، وتحقيق معدلات نجاح مبهرة ... وجاء اليوم الذي ستحصل فيه على المنحة ، وذهبت إلى إدارة الجامعة ، فسألتها السيدة التي تجمع الملفات ، بعد أن ألقت نظرة على أوراقها التي تضعها في الملف : أين شهادة الثانوية العامة ... فردت في دهشة من أمرها ... ليس لدي شهادة رسمية تثبت حصولي على الثانوية العامة ، لأني لاجئة ... فاعتذرت لها السيدة عن عدم تمكنها من قبول أوراقها...
عادت الفتاة إلى بيتها حزينة منهارة ... لا تصدق ما حدث ... كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمها ... لعنت ظروف اللجوء ، ولعنت فقرها ... وبكت كثيرا ... ولكنها توقفت فجأة عن البكاء وقررت أن تطعن في عدم قبولها بالجامعة الأمريكية على الرغم من اجتيازها الاختبار المؤهل لهذه المنحة ... وعرض الطعن على إدارة الجامعة ، ولكنهم لم يتمكنوا من الموافقة على حصولها على المنحة (رغم تعاطفهم معها) نظرا لعدم استيفاء الأوراق القانونية اللازمة ... ولكن ونظرا لإيمانهم بها ، ولقدرتها على اجتياز الاختبار الصعب ، تمكن أحد أساتذة الجامعة من توفير منحة أخرى لهذه الفتاة في إحدى الجامعات الأمريكية ... وسافرت الفتاة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي الآن في صفها الثالث في كلية الطب.
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: رسائل إلى...الرسالة الثالثة: الحـلم ...والمعنى Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top