بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الثلاثاء، 22 مارس 2016

أحمد عبدالعليم يكتب: في الفعل الأخلاقي

يرتكز الفعل الإنساني بوصفه سلوكا يتسم بكونه فعلا أخلاقيا بالمعنى التقليدي على مفهوم المجتمع، حيث تعتمد العناصر المجتمعية في صميمها على عمليات تعاقدية بين مجموعة من البشر تجمعها ما يشبه السمات المشتركة، فالإنسان بوصفه مخلوقا اجتماعيا يرغب في الغالب أن يعيش بين جماعة من بني جنسه، وعادة ما تضع الجماعة حزمة من القواعد المشتركة التي تنظم لهم حياتهم، وهذه القواعد تضمن بالنسبة لهم مصداقية مشتركة بين البشر في حدها الأدنى، وهو ما يربط بطرق متنوعة السوك الإنساني بمحيطه المجتمعي.
وتستند القواعد الأخلاقية التقليدية في صميمها على مفهوم الإيمان بمعناه الواسع، وإن اختلفت طبيعة الإيمان من مجتمع إلى آخر، ولكن تظل الأفكار الحاكمة متقاربة، إيمان يؤكد للفرد أن هناك عواقب تقع على كاهله نتيجة لمخالفة هذه القواعد، ومن ثم يعتقد الفرد بأن مخالفته لهذ القواعد سيعود عليه بالضرر العاجل أو الآجل، فالعقاب يحدث في كل الأحوال مهما طال الوقت، وهناك دائما من يراقب أفعاله ويصنفها وفقا للقواعد المتفق عليها والتي تشكل جزءا من جملة المنظومة الحاكمة التي تحافظ على تماسك المجتمع، والتي تكون عادة مصحوبة بجملة من العقوبات المادية والمعنوية التي تشكل رادعا للفرد وللجماعة.
وعلى الرغم من ذلك يرى كثيون من القائمين على المجتمع أنه يعاني كثيرا من الخلل في هذا الصدد، إذ لم يعد الالتزام بالقواعد الأخلاقية محط اهتمام كتيرين من أفراد المجتمع، وكثرت (الجرائم) التي تعبر بشكل كبير عن تراجع أخلاقي، ويرجعون ذلك لضعف الإيمان، وتراجع دور التربية في الآونة الأخيرة، مما أدى إلى تراجع معدلات الالتزام الأخلاقي، خاصة بين الشباب، وعلى الرغم من وجود الرادع، فمازال التراجع مستمرا.
إن هذا الوضع المشكك من قبل البعض، في قدرة كثيرين على الالتزام بالقواعد الأخلاقية، وبين سعي لربط الفرد بمستويات أعلى من الإيمان، ورغبة آخرين في صياغة رؤية تستدعي الالتزام الفردي الداخلي بهذه القواعد، تتباين الآراء حول طبيعة الأخلاق من ناحية، وطبيعة الإنسان من ناحية أخرى، إذ يرى البعض أنه على الرغم من كون الإنسان يتسم بكونه كائن أخلاقي ينزع نحو التصرف بطريقة أخلاقية، وصبغ سلوكياته بسمة أخلاقية، إلا أن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال ضرورة تثبيت القواعد التي تحكم سلوك الفرد ومن ثم المجتمع، وإن كان هناك بعض القواعد الأساسية التي يرى كثيرون قدرتها على الصمود النظري والعقلاني في وجه الزمن، إلا أن هذا لم يمنع كثيرون من مخالفتها، كما أنه لم يمنع بعض المجتمعات من التحلل من هذه القواعد، وصياغة منظومة أخرى تتناسب والتطور المجتمعي من ناحية، وتعقد منظومة العلاقات الاجتماعية من ناحية أخرى.
 وفي ظني أن الأخلاق كما يؤكد كثير من المفكرين تعتبر قواعد ذات صيغة معيارية تختلف من مجتمع إلى أخر، بل ومن عصر إلى آخر، إذ تؤدي التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية إلى اختلاف نظرة الفرد لمنظومة القيم السائدة، والتي تتجلى عبرها القواعد الأخلاقية الحاكمة، مما يؤدي إلى اختلاف أولوياته، على المستوى الفردي والجمعي، وهو ما يستدعي قيامه باعادة ترتيب منظومته القيمية من ناحية، وربما التحلل من بعض القواعد التي كان يراها المجتمع في لحظة ما أساسية، وهو ما يؤدي إلى اشتعال صراع أخلاقي النزعة بين أصحاب الرؤى الجديدة، والراغبين في الحفاظ على الوضع بوصفه الأفضل والأنسب .





  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: في الفعل الأخلاقي Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top