بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الخميس، 15 مارس 2018

أحمد عبدالعليم يكتب: المجال العام... قوة ينبغي أن تسود



قامت الدولة الحديثة تأسيسا على مفهوم (العقد الاجتماعي) الذي بدا للوهلة الأولى مفهوما افتراضيا من الناحية التاريخية، بينما بدأت ممارساته العملية عبر الآليات الديموقراطية التي أخذت تتعين وتتشكل تباعا، والتي أتاحت للفرد (المواطن) حق اختيار من يحكمه وحق محاسبته وفق آليات مؤسسية تم الاتفاق عليها واعتمادها اجتماعيا وسياسيا،ومع تطور هذه الممارسات السياسية والديموقراطية بدأ يتشكل  في الفراغ  الاعتباري (مجالا عاما) ما بين (الفرد) و(الدولة) يشكل فضاء اجتماعيا/ثقافيا تعول عليه مؤسسات المجتمع كثيرا عبر مساحات للتعبير عن الرأي تسمح للمواطننين بتنظيم أنفسهم، وعبر مساحات للفعل تسمح بتشكيل تنظيماتهم التي تتيح لهم التعامل مع ممارسات مؤسسات الدولة من ناحية، ومؤسسات المجتمع من ناحية أخرى في إطار من السلم الاجتماعي ومن خلال فعل الديموقرطية، فمن خلاله يستطيع المواطنون أن يكونوا خارج الدولة  بوصفهم ناقدين ومراقبين لها، إذ يعبر المجال العام عن المصالح والمشاعر على مستوى الخاص، وعلى المستوى المجتمعي عبر أشكال تنظيمية متنوعة، ويضفي قدرا من الاتساق على المشاعر المتفرقة، ويمنح قوة (جمعية) للرؤى الفردية المبعثرة والمشتركة في آن واحد. ومن ثم يسمح من خلال تنويعاته المختلفة بتيسير وإدارة الصراع الاجتماعي إدارة سلمية بعيدا عن العنف عبر آليات ديموقراطية ويرسل رسالة الى الحكام تتعلق بالإرادة الجمعية للفاعلين الاجتماعيين المستقلين تعبر عن اتجاهات (الرأي العام).
فالمجال العام ينشأ في إطار الظرف التاريخي الذي يمر به المجتمع، ويتشكل وفق صراعات اجتماعية ويتيح أدواته السلمية والديمقراطية لإدارة هذا الصراع، مثلما يسمح للمواطنين بالدخول في أشكل تضامنية مع بعضهم البعض سواء اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا، ومن هنا تتجلى ضرورة المجال العام بوصفه عنصرا رئيسا من عناصر العقد الاجتماعي الذي أصبح يتم صياغته فعليا باتفاق شفاهي وكتابي بين الحاكم والمحكوم (الدستور) بحيث يصبح هو المرجع النهائي عند الاختلاف فيما بينهم، ويتم احترام بنوده من كل الأطراف.
ومن هنا فإن أية محاولة لغلق هذا الفضاء العام، من خلال قوانين مجحفة، أوعبر ممارسات تسلطية بغرض مصادرته لصالح مؤسسات الدولة، التي تمثل طرفا واحدا من أطراف (العقد الاجتماعي) سينعكس بالسلب على المجتمع، وعلى مؤسساته المختلفة، بل تمتد التداعيات السلبية لتشمل مؤسسات الدولة التي ستصبح عاجزة عن التعرف على اتجاهات المجتمع، ومن ثم إدارة صراعاته، بالإضافة إلى خسارتها لقوة داعمة لا يستهان بها من خلال تراجع آليات التضامن الاجتماعي لفئات اجتماعية لن تتمكن الدولة عبر مؤسساتها المختلفة من توفير الموارد الكافية لمساندتها.
يمتلك "المجال العام" اعتبارات ذات دلالة على المستوى الخاص والعام، ويؤدي عبر وظيفته الذرائعية دورا هاما، يدعم من خلالها "السلم الاجتماعي" عبر توفير أدوات سلمية متنوعة للممارسة الديموقراطية وإدارة الصراع، ويسهم في تطور المجتمع من خلال التنوع الثقافي الخلاق، والاختلافات الفكرية الداعمة لتقدم المجتمع. تضمن كفالة الحقوق لكل المواطنين دون تمييز، والحفاظ على استمراريته وضمان مستقبل أفضل لأجياله، بينما تؤدي هذه الإجراءات التعسفية إلى خسارات فادحة ومآلات كارثية تعرقل نموه وتعوق استقراره.


  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: المجال العام... قوة ينبغي أن تسود Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top