بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأحد، 10 يناير 2016

أحمد عبدالعليم يكتب: الطريق




تمضي وحيدا في طريقك، في رحلة نحو المجهول. مغامرة يتجنب كثيرون منا الحديث عنها، أو الاعتراف بها، رغم اننا جميعا مضطرون لخوضها. وكل ما تملكه معك في هذه الرحلة، وفي مواجهتها، خريطة لم ترسم معالمها انت، تتمثل في مجموعة من الخبرات والمعارف السابقة، والتي زودك بها السابقون، ربما تصلح في أن تساعدك على السير، مثل عصا تتوكأ عليها، ولكنها ـــ في واقع الأمرــــ لا يمكن لها أن ترسم لك معالم الطريق... تتساءل في حيرة : من أنا ؟! ومن أكون ؟! تبدو الإجابة عن السؤال مربكة لكثيرين منا، مراوغة لمعظمنا، فمكوناتها لا تأتي دفعة واحدة، كما أنها ليست إجابة جاهزة، مثلما كان يزعم كثيرون من الفلاسفة من قبل، عندما يختزلون ماهية الإنسان في كونه "حيوان عاقل" . ومن هنا فعندما نتحدث عن شخص فإنما نتحدث عن "حياة" ، عن رحلة  تبدأ منذ لحظة الميلاد وتمتد حتى لحظة "الممات"، "طريق" يقطعه في بعض الأحيان مع صحبة ما، وفي أغلب الأحيان منفردا . فالإنسان مشروع يسعى دائما للاكتمال. كما يقول سارتر، وهو ما كان يعنيه عندما أعلن بأن "الوجود يسبق الماهية". الإنسان (الفرد) هو من يصنع هويته، ويشكل عبر اختياراته (الحرة) مكونات ماهيته.
لكل رحلة احتياجاتها، فلتتأكد أنك قد اصطحبت معك ما تحتاج إليه، أن تتزود بما يجعلك قادرا على مواصلة رحلتك بنجاح ...وربما يكون أول احتياجاتك في رحلتك هذه هو الإخلاص ... والإخلاص هنا يعني أن تنغمس بذاتك فيما تفعل، أن تصدق وتؤمن به، أن تتأكد من أنك تبذل الجهد كاملا فيما تقوم به من عمل، أن تستمتع بما تقوم به، أن تحرص على أن ترضى عن ذاتك، لا أن يرضى عنك الآخرون فحسب، أن تحب ذاتك وتقدرها، وترغب دائما في أن تكون في أحسن صورها ، وكما تتوقعها ... الإخلاص هو أن يتحقق رضاك الداخلي، أن تؤمن بأنك قادر على ان تقدم  شيئا مفيدا ينفع الناس ... مهما كان بسيطا، فالحياة مجموعة من المواقف والأفعال البسيطة ، عندما تجمعها معا تصنع هوية الإنسان.
وثاني احتياجاتك في رحلتك هو الإيمان ... أن تؤمن يعني أن تصدق فيما تعتقد ... ان تمتلك رؤية تتسق مع ذاتك، أن تصدق في قدرتك على فعل ما تراه صوابا، أن تؤمن يعني أن تراجع نفسك ، وأن تصبح قادرا على مواجهة ذاتك بأخطائك ، وأن تعدل عنها وتصححها ... الإيمان هو ما وقر في قلبك ووجدانك ، وعبرت عنه من خلال فعلك وسلوكك ... فأن تؤمن يعني أن تكون قادرا على الاختيار، وفقا لما تراه مناسبا، ووفقا لما تؤمن به، وأن تتحمل عواقب اختياراتك في الحياة، أن تتحمل عواقب ما تؤمن، وما تصدق، وما تفعل.
وثالث  احتياجاتك في رحلتك هو الوعي ... ولا يقصد بالوعي هنا الوصول إلى المعرفة وحسب ... بل هو المزج  بين المعرفة والفعل ... أن تبحث وتكتشف لكي تكون رؤيتك الخاصة وتؤمن بها، وأن تفعل ما تؤمن به ... وأن تخلص لما تؤمن...
إنه مزج عبقري بين الاكتشاف، والمعرفة، والإخلاص، والإيمان ... لكي تصوغ بتفرد بشري هويتك... إنه هذا السلوك المبني على إدراك عميق لطبيعة وجودك الإنساني ... في سياق خاص تصوغه أنت باختيارك الحر، وتصنعه بإرادتك.
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: الطريق Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top