بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الاثنين، 4 يناير 2016

أحمد عبدالعليم يكتب: الرحلة أهم من الهدف

كثيرا ما يسيطر الإحباط واليأس على قلوبنا، وننظر إلى الحلم باعتباره رفاهية لا نمتلكها، فنترك أنفسنا للحياة ترسل بنا حيث تشاء، وتفعل بنا ما تريد، وكثيرون منا تدعم ظروفهم الاجتماعية هذا النهج السلبي في الحياة، وعادة ما يساندهم في هذا مجموعة من القيم السلبية التي تسود بيننا ، وتسيطر على عقولنا ، وتجعلنا متواكلين، غيرمقدمين على الحياة، غير راغبين في المبادرة والإقدام، ومن بين هذه القيم السلبية : الإيمان بالحظ المطلق ... فإذا كنت تمتلك حظا جيدا ستتحقق ، وتحصل على المكاسب المادية الكبيرة التي توفر لك رفاهية الحياة دون تعب أو عنت، ودون أن تمتلك أية مقومات للنجاح والترقي ... أما إذا عاندك الحظ ... فويل لك ... فنقعد منتظرين الحظ الجميل ليحل لنا مشكلاتنا، ويأتينا بما لا نستطيع الذهاب له. وثانيهما : الإيمان بالصدفة ... فقد تضعك الظروف في مكان وزمان يمنحك فرصة للترقي والنجاح ربما لا يمكنك الحصول عليها مهما ثابرت وبحثت واجتهدت ...ويجعلنا الإيمان بالحظ وبالصدفة نقعد منتظرين أن تأتينا الفرصة صدفة ... أو نسعى في الحياة بلا حماسة في العمل ، أو رغبة في التعلم ، في انتظار أن تأتينا الصدفة والحظ الجيد بفرصة تنتشلنا من الضياع وعدم التحقق، فتتعاظم أمانينا في الثراء السريع دون جهد، والتحقق بلا إمكانات .
ربما فعلا تأتينا فرصة نجاح وترق غير متوقعة (بالحظ وبالصدف) تنقلنا إلى عالم نظنه أفضل، وتحقق لنا مظاهر الرفاهية في الحياة ... وقد لا تأتي ... ومثل هذا الحدث مثل "اللوترية" أو "اليانصيب"... تخيل أنه في صباح كل يوم، ومع طلعة شمس كل يوم جديد، يقوم مليون شخص (لديهم نفس رغبتي) بشراء ورقة يانصيب، متمنين أن يسعدهم الحظ وتأتيهم الصدفة بمكسب ينقل حياتهم من الشقاء إلى النعيم، ومن البؤس إلى الرفاهية والرخاء، وكل فترة من الوقت يحدث بالفعل ( مع الإيمان المطلق بأن القائمين على عملية الفرز وسحب اليانصيب، يتمتعون بالنزاهة والأمانة والشفافية المطلوبة ) أن يفوز أحدهم باليانصيب هذا ... ولكن لنراجع سويا عدد المشاركين لكي يتحقق الفوز لأحدهم ... إنه وبلا شك عدد ضخم "مليون فرد"، ومن ثم تصبح فرصتي "واحد في المليون" ... ربما تعجبني الفكرة وأشارك على أمل أن أصبح هذا الواحد في المليون ... ولكن ماذا لو لم تأت ؟! ...
هل فكرت يوما ... لما لا أجرب أن أقوم بفعل آخر يجعل فرصة نجاحي واحد في المئة عوضا عن واحد في المليون ... لما لا أجرب أن أقوم بفعل أخر ، يحطم سكون الانتظار ، ويدفعني خطوات للأمام ، تجعلني أقترب من تحقيق ما أريد ... وفي الوقت نفسه يجعلني أستمتع بعملية الحركة والفعل بديلا عن الثبات والانتظار ... ولكن ... عليك أن تعلم ... أنك في هذه الحالة ستتخلى عن الإيمان بكل من الحظ والصدفة، كي تتبنى قيما أخرى مثل : احترام قيمة العمل ... والإتقان ،احترام قيمة الوقت ... والالتزام، القدرة على تنظيم حياتك ... والاجتهاد، واجب السعي من أجل تطوير مهاراتك وقدراتك ... والمبادرة، التقدم ببطء وروية في خطواتك نحو التحقق والنجاح ... والمثابرة.
فارق كبير ومزعج بين "وهم الثراء" عن طريق الفوز باليانصيب وأنت جالس بلا فعل ، تنتظر قفزة هائلة من حالة الفقر والبؤس إلى حالة الثراء، بسرعة رهيبة ( وربما يتحقق هذا بالفعل... وقد لا يتحقق ) ... وبين كد، ومثابرة، وعمل، من أجل تحقيق تقدم معلوم ومرصود ولكنه بطئ  وممتع .
ولكن ... وقبل أن تقرر ... عليك أن تدرك ... أن قدرتي على تحقيق المهام والأدوار التي أؤديها في الحياة، ترتبط بوضوح الرؤية، وأن أتعرف على ضرورة كل مهمة مرحلية أقوم بها، ولماذا أقوم بها، وعلى كل دور ألعبه في الحياة، وما أهميته بالنسبة لي ... ولكي أحقق هذا، يجب أن يصبح لحياتي معنى واضح، ولكي يكون لحياتي معنى واضح، يجب أن أحلم، حلما يشمل حياتي كلها، حاضرها ومستقبلها، يربط كل المتفرقات التي أقوم بها، ويعطي لكل فعل معنى بجوار الفعل الآخر، فتترابط حياتي، وأتعرف على مفرداتها، وأتمكن من تحقيق ما أريده، وأمتلك المبررات المقنعة لما أقوم به من أفعال، أو أضطر لإنجازه من مهام وأدوار، أن أعرف أن القضاء على مخاطرالحياة يعني القضاء على فرحة النجاة، وأن الوصول إلى عالم أفضل بلا عنت وكد يفقدني فرحة قطف زهرة السلامة والإنجاز من بين أشواك الخطر، فالعالم الذي يخلو من الكفاح هو عالم يخلو من متعة التحقق والنجاح ...
اعلم جيدا أن الانتظار يحرمك من ممارسة حياتك حتى يأتيك الحظ بصدفة تحقق لك ما تتمناه ... يضعف قواك ... يحد من قدرتك على مواجهة تحديات الحياة ... بينما التحرك والفعل ... إمكان الفشل والنجاح ... يعلي من قواك ... ويطور من قدراتك ... يجعلك متأهبا لمواجهة التحديات، والوقوف في وجه مصاعب الحياة وأزماتها ... يمنحك متعة المحاولة ... يمنحك سعادة تحقيق النجاحات البسيطة ... ويعطي لحياتك طعما ويهبها المعنى .
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد عبدالعليم يكتب: الرحلة أهم من الهدف Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top