بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الاثنين، 11 أكتوبر 2021

"الاستقرار"لا يطلبه المستفيدون من الوضع فحسب"

 




تثبيت الوضع كي تطمئن القلوب.. فما نعرفه خير وأفضل مما نجهله.. تفضيل التغييرات البطيئة والمتأنية التي تتم على مسافات زمنية، رفض ارتباك الرؤية نتيجة تغيرات سريعة.. تثبيت اللحظة الاجتماعية في إطار علاقات قوة مفهومة، أيا كان وضعنا فيها.. خير من إزعاج إعادة بناء المشهد من جديد.

أطر عقلية عامة يفضل العقل البشري استخدامها ضمن تكتيكات أخرى تصب في نفس المسار، مثل عمليات التنميط، التعميم، الاستكمال.. إلخ.. تمثل جميعها بنية معرفية واجتماعية لغالبية البشر، تصاغ جميعها في إطار تعبير اجتماعي (دارج) وهو الاستقرار..

رأينا ذلك عبر أحداث تاريخية متنوعة، في مواجهة (ثورات) علمية/ معرفية يتم محاربتها بقوة، (الثورة العلمية/ المعرفية أثناء عصر النهضة الأوروبية) مثلما رأيناها في ثورات اجتماعية متباينة الأشكال، (في ظني أن تاريخ الدعوة المحمدية لم يكن في أحد تجلياته إلا تعبيرا عن ثورة اجتماعية)، تواجه دائما هذه الثورات ومثيلاتها بعنف اجتماعي متفاوت القوة، يرفض الدخول في مشهد مرتبك، يبدو فوضويا، بديلا عن مشهد ثابت العلاقات، يبدو واقعيا، متماسكا، نستطيع فهمه والتعامل معه، فالبديل لا يكون جاهزا، بل عادة ما يتشكل لحظة بلحظة، يسيطر عليه القلق، وربما تحكمه قواعد التجربة والخطأ، ذلك لأنه في العادة ما تكون الخبرات السابقة غير ذات قيمة كبيرة في هذه الأطر الجديدة، فتجليات التغيير التي تعبر عنها الثورة تبدو كمعول هدم أسطوري يدمر البنى المادية، الفيزيقة، المعرفية، الاجتماعية، القديمة، وعادة ما يزعج هذا الفعل الراغبين في (الاستقرار)، ذلك لأن الثورة تعرف بيقين ما ترفضه، لكنها في أغلب الأحيان، لا تعرف ما تريد بناءه، وهي سمة تكاد تلتصق بالفعل الثوري، حتى وإن اعتمدت في فورانها الأولي على رؤية واضحة، ترتكن على نظرية تبدو متماسكة ومؤسسة معرفيا، إلا أن الفعل الثوري عندما يتم في إطار الواقع المادي لا يمكن له أن يتخذ منحى الخطة جاهزة الإعداد، سابقة التحضير، فهو فعل يتسم بالطزاجة والجدة، يواجه بعناصر الواقع الفيزيقي، فينتج هذا التلاقي الدرامي واقعا جديدا.
يبدو أن تشكل الوعي الجمعي إذن يصب في صالح تغييرات بطيئة حتى وإن كانت جذرية، تبدو بالنسبة للغالبية من البشر (منطقية) وهي تبدو كذلك في بعض جوانبها، حيث تتم في سياق لا يتسم بـ(العنف) على المستوى الاجتماعي، أو (التعجل) على المستوى الاقتصادي، فالتراكم الكمي الذي لا يبدو للعيان، والذي (ربما) يرفضه كثيرون من (دعاة الثورة)، هو عملية تغيير بطيئة وتبدو آمنة بالنسبة لكثيرون من أفراد المجتمع، إذ عادة ما يتمكنون من التعامل معها رغم رفض بعضهم لها (حتى وإن صبت في غير صالحهم).. وربما يكون النموذج المثالي هو عملية إعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمت في المجتمع المصري خلال فترة السبعينات والتي امتدت مشاهدها طوال ثمانينات وربما تسعينات القرن الماضي ليفاجأ بعضنا بمشهد مغاير تماما للمجتمع المصري يحتاج بالفعل إلى إعادة دراسة للتعرف على مكوناته العامة والخاصة لنتمكن من رسم المشهد الجديد بكل ملامحه الراهنة والتي قد لا تعجب بعضنا..
وفي ظني أن عملية التغيير هذه قد تتراءى لنا عبر مشاهد تتسم بالعشوائية، ولكن بتجميع فسيفساء الأحداث، قد نرى فيما وراءها استراتيجية شديدة التعقيد والتنظيم تمكنت من إعادة تشكيل ملامح الشخصية المصرية، لدرجة يبدو بعضهم في التعامل معها مثل العائدون من الكهف (انظر لخطاب بعض القوى اليسارية) بل قد يتم استدعاء لخطاب قديم، وتجهيز المسرح له، بحيث يبدو منطقيا، وفي ظني أن النجاح غير أكيد، (أنظر لخطاب بعض القوى اليمينية الوطنية).
عملية التغيير إذن، والتي ربما أوافق على أنها حتمية، تحتاج إلى رؤية واضحة على المستوى العام/ النظري، مثلما تحتاج إلى برنامج واضح المعالم على المستوى الخاص/ التطبيقي، أو إعداد مكتمل المعالم لبرنامج العمل، وحده هو القادر على إحداث تغيير، حيث يجب أن ندرك أن حتمية التغيير لاتعني بالضرورة حتمية المسار، فقد يأتي التغيير في مجمله على غير هوى كثيرون من أصحاب النزعات الثورية، فالقضية ليست قضية (حق) في مواجهة (باطل) كما يحب البعض أن يعبر عنها، والتي ينبغي لها أن تنتهي بانتصار الحق كما يحدث في الأفلام العربية.
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: "الاستقرار"لا يطلبه المستفيدون من الوضع فحسب" Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top