بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

العمل اللائق والحق في العمل

حق العمل هو حق من حقوق الإنسان، يستند إلى الشرعية والمواثيق الدولية، إلا أنه يتميز عن بقية الحقوق، كالحق في الغذاء والحق في التعليم، أو الحق في المحاكمة العادلة وحرية التعبير وغيرها، بأنه يتضمن حماية بعض الجوانب السلبية كالإرهاق الناجم عن الجهد الجسدي والعقلي والإجهاد، فالحق في العمل لا يلبى فقط حاجة الإنسان في التمتع بحق من حقوقه، بل يوفر أيضا ضمانات حماية الإنسان وهو يكد لكسب رزقه ولضمان الرفاهية والاستمرار والعدالة في المجتمع الدولي ولكل أعضائه.
والعنصر الأساسي في الحق في العمل هو "إتاحة الفرصة لكسب الدخل (الرزق)" طبقا لنص (المادة 6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم أن حق الإنسان في مستوى معيشة كافي بدون أية شروط حق من الحقوق الأساسية، كما يرد بنص (المادة 11) من نفس العهد، إلا أن ربط المعيشة الكريمة بكسب الدخل (الرزق) والحق في العمل هو إعلاء لقيمة العمل والعمال، باعتبار أن العمل ليس مصدر دخل ومعيشة للعمال فحسب، بل هو مصدر توفير المستوى اللائق من المعيشة لكل البشر، فمن ناتج العمل تأتي الثروات والخير، حيث أن العمال وهم يسعون لكسب دخولهم يحصلون فقط على جزء من ناتج عملهم ويتركون بقيته أو فائض قيمته للمجتمع ورفاهيته، ومن حقهم أن يروا توزيع ذلك في إطار من العدل الذي يضمن كفاية ما يحصل عليه كل إنسان للتمتع بحياة كريمة.
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[1]:
وتتضمن (المادة 23) منه، المبادئ التالية:
1-    حق كل إنسان في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومٌرضية، وفي الحماية من البطالة.
2-    حق جميع الأفراد، دون أي تمييز في أجر متساو عن العمل المتساوي.
3-    حق كل فرد يعمل في مكافأة عادلة ومٌرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة الإنسانية، وتستكمل عند الاقتضاء بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
4-    حق كل شخص في إنشاء نقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
ثانيا: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[2]:
يعتبر الحق في العمل أول الحقوق التي يقرها "العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي يتكون من ديباجة (مقدمة)، وخمسة أجزاء، أختص الجزء الثالث منها بتحديد الحقوق الواجب إعمالها بمقتضي الشرعية الدولية، وهي تشمل:

·         الحق في العمل. (المادة6) .
·         الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومُرضية. (المادة 7) .
·         الحق في تكوين النقابات والانضمام إليها. (المادة 8) .
·         الحق في الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية. (المادة 9) .
·         الحق في حماية الأسرة وتربية والأطفال. (المادة 10) .
·         الحق في مستوى معيشي كاف للشخص وأسرته، وتوفير ما الغذاء والكساء والمأوى. (المادة 11) .
·         الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه .       (المادة 12) .
ويأتي الحق في العمل في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما يلي:
(مادة 6):
1-    تقر الدول الحق في العمل، الذي يشمل حق كل إنسان في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وأن تقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
2-    يجب أن تشمل التدابير التي تتخذها الدول لتأمين الممارسة الكاملة للحق في العمل توفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والأخذ بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية.
- (مادة 7):
تقر الدول بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومٌرضية تكفل على الخصوص:
(أ‌)                 مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى:
1- أجرا منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل دون أي تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل؛
2- عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد.؛
(ب‌)             ظروف عمل تكفل السلامة والصحة؛
(ت‌)             تساوي الجميع في فرص الترقية، داخل عمله إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة؛
(ث‌)             الاستراحة وأوقات الفراغ، والتحديد المعقول لساعات العمل، والأجازات الدورية المدفوعة الأجر، وكذلك المكافأة عن أيام العطلات الرسمية.
- (مادة 8):
1-    تتعهد الدول بكفالة ما يلي:
(أ) حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلي النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، بقصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها، ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(ب) حق النقابات في إنشاء اتحادات أو اتحادات حلافية قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها.
(جـ) حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
(د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني.
2-    لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم لهذه الحقوق.
3-    ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.

- (مادة 9):
تقر الدول بحق كل إنسان في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية.

- (مادة 10):
          تقر الدول بما يلي:
2- وجوب توفير حماية خاصة للأمهات خلال فترة معقولة قبل الوضع وبعده، وينبغي منح الأمهات العاملات، أثناء الفترة المذكورة، أجازة مدفوعة الأجر أو أجازة مصحوبة باستحقاقات ضمان اجتماعي كافية.
3- وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين، دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف. ومن الواجب حماية الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي. كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الإضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى بنموهم الطبيعي. وعلى الدول أيضا أن تفرض حدودا للسن يحظر القانون استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور ويعاقب عليه.

- (مادة 12):
1- تقر الدول بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية يمكن بلوغه.
2- تشمل التدابير التي يتعين على الدول اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل:
(أ) العمل على خفض معدل موتى المواليد، ومعدل وفيات الرضع، وتأمين نمو الطفل نموا صحيا؛
(ب) تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية؛
(ج) الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها؛
(د) تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.



ثالثا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[3]:
وقد جاءت مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بحقوق كثيرة ومتنوعة للإنسان في مجالات مختلفة. وهو يتكون من ديباجة وخمسة أجزاء أختص الجزء الثالث منها بتحديد حقوق معينة، منها حق إنشاء النقابات والمشاركة والمساواة، وتفصيلا كما يلي:
- مادة (21):
          يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
1-     لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
2-     لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود.......... .
3-     ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شانها، أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.

رابعا: الإعلان العالمي للتقدم الاجتماعي والتنمية[4] (سنة 1969):
وهو الإعلان الذي استهدف التأكيد على إيمان الأمم المتحدة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبمبادئ السلم وكرامة الشخص الإنساني وقيمته والعدل الاجتماعي، ويدعو إلى العمل قوميا ودوليا على اتخاذه أساسا مشتركا لسياسات الإنماء الاجتماعي، وبالمبادئ التالية:
مادة (6):
يقتضي الإنماء الاجتماعي أن يكفل لكل إنسان حق العمل وحرية اختيار العمل.
ويقتضي التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي اشتراك جميع أفراد المجتمع في العمل المنتج والمفيد اجتماعيا، والقيام، وفقا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ولمبدأي العدالة والوظيفة الاجتماعية للملكية، بإنشاء أشكال لملكية الأرض ووسائل الإنتاج تنفي أي استغلال للإنسان وتؤمن للجميع حقوقا متساوية في الملكية، وتهيئ أحوالا تؤدي إلى مساواة حقيقية بين الناس.
مادة (10):
(أ‌)     تأمين الحق في العمل على جميع المستويات، وحق كل إنسان في تكوين النقابات ورابطات العمال وفي المفاوضة الجماعية، وتعزيز العمالة المنتجة، والقضاء على البطالة والعمالة الناقصة، وتهيئة شروط وظروف العمل العادلة والملائمة للجميع، بما في ذلك تحسين الظروف المتعلقة بالصحة والسلامة، وكفالة العدل في المكافأة على العمل دون أي تمييز، وضمان أجر أدنى يكون كافيا لتوفير العيش الكريم، وحماية المستهلك.
المادة (20):
(أ‌)     منح النقابات حريات ديمقراطية كاملة، ومنح جميع العمال حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، بما في ذلك حق المفاوضة الجماعية والإضراب والاعتراف بحق تكوين منظمات عمالية أخرى، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين مشاركة النقابات بصورة متزايدة في الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتأمين مشاركة جميع أعضاء النقابات فعلا في تقرير المسائل الاقتصادية والاجتماعية الماسة بمصالحهم.
(ب‌) تحسين الظروف المتعلقة بصحة العمال وسلامتهم باتخاذ التدابير التقنية والتشريعية المناسبة وتوفير المقومات المادية اللازمة لتنفيذ تلك التدابير، ولا سيما تحديد ساعات العمل.
(ج) اعتماد تدابير مناسبة لإقامة علاقات صناعية منسجمة.
مادة (22):
(ج‌)               إنشاء دور الحضانة المناسبة خدمة لمصلحة الأبناء ولمصلحة الوالدين العاملين.

خامسا: إعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية (1995):
تلبية لدعوة الأمم المتحدة اجتمع رؤساء الدول والحكومات، للإقرار بأهمية التنمية الاجتماعية وتوفير أسباب الراحة لجميع البشر- خاصة وأن هناك أكثر من 120 مليون نسمة على صعيد العالم متعطلون رسميا وأعداد أكبر من ذلك لا تزال في حالة عمالة ناقصة ولا ترى أعدادا غفيرة من الشباب ومن بينهم شباب تلقى تعليما أملا يذكر في الحصول على عمل منتج- ولكي يضعوا هذين الهدفين في أعلى مقام من الأولوية الآن في القرن الحادي والعشرين، وصدر عنهم إعلان كوبنهاجن للتنمية الاجتماعية، وجاء فيه:
(9) إننا نجتمع هنا لكي نلزم أنفسنا وحكوماتنا وبلداننا بأن نعمل على تعزيز التنمية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم لكي يتسنى لجميع الناس رجالا ونساء، وبخاصة أولئك الذين يعانون الفقر، أن يمارسوا حقوقهم ويسخروا الموارد ويتقاسموا المسئوليات التي تمكنهم من العيش الرضي والمساهمة في توفير أسباب الراحة لأسرهم ومجتماعاتهم وللبشرية جمعاء. وفي هذا يجب أن يكون هدف المجتمع الدولي الذي يعلو كل ما عداه من أهداف هو مساندة هذه الجهود وتشجيعها، ولا سيما فيما يتعلق بمن يعانون الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي.
الالتزام 3
نلتزم بتعزيز هدف العمالة الكاملة بوصفها أولوية أساسية لسياساتنا الاقتصادية والاجتماعية، وبتمكين جميع الناس رجالا ونساء من الحصول على سبل العيش المأمونة والمستدامة من خلال العمالة والعمل المنجين والمختارين بحرية.
وتحقيقا لهذه الغاية، سنقوم على الصعيد الوطني بما يلي:
(أ‌)      جعل توفير فرص العمل، والحد من البطالة، وتعزيز العمل بالأجر المناسب والكافي محورا لاستراتيجيات وسياسات الحكومات، مع الاحترام التام لحقوق العمال وبمشاركة أصحاب الأعمال والعمال ومنظمات كل منهم، وإيلاء عناية خاصة لمشاكل البطالة الهيكلية والطويلة الأجل والعمالة الناقصة للشباب والنساء والمعوقين وكافة المجموعات والأفراد المحرومين؛
(ب) وضع سياسات لتوسيع فرص العمل والإنتاج في القطاعين الريفي والحضري، عن طريق تحقيق النمو الاقتصادي، والاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وتشجيع التكنولوجيات التي تولد العمالة المنتجة، وتشجيع العمالة الذاتية والأعمال الحرة وإقامة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
(ج) زيادة تيسير حصول المؤسسات الصغيرة والفردية، بما في ذلك مؤسسات القطاع غير  الرسمي، على الأراضي والإئتمانات والمعلومات والهياكل الأساسية والموارد المنتجة الأخرى، مع التشديد بوجه خاص على قطاعات المجتمع المحرومة؛
(د) وضع سياسات تكفل حصول العمال وأصحاب الأعمال على ما يلزم من تعليم ومعلومات وتدريب للتكيف مع الأوضاع الاقتصادية والتكنولوجيات وأسواق العمل المتغيرة؛
(هـ) استكشاف خيارات مبتكرة إتاحة فرص للعمالة، والتماس نهج جديدة لتوليد الدخل وتعزيز القدرة الشرائية؛
(و) تشجيع السياسات التي تمكن الناس من الجمع بين عملهم المدفوع الأجر ومسئولياتهم العائلية؛
(ز) إيلاء عناية خاصة لحصول المرأة على عمل، وحماية مركزها في سوق العمل، وتشيع معاملة المرأة والرجل على قدم المساواة، خاصة فيما يتعلق بالأجر؛
(ح) إيلاء الاعتبار الواجب لأهمية القطاع غير الرسمي في استراتجياتنا لتنمية العمالة بغية زيادة مساهمته في القضاء على الفقر وفي تحقيق التكامل الاجتماعي في البلدان النامية، وتعزيز روابطه مع الاقتصاد الرسمي؛
(ط) السعي إلى تحقيق هدف ضمان توفر العمل الكريم والحفاظ على الحقوق والمصالح الأساسية للعمال، ولتحقيق هذه الغاية، العمل بغير قيود من أجل تعزيز احترام اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة، بما فيها الاتفاقيات المتصلة بتحريم السخرة وتشغيل الأطفال، وبحرية تكوين المنظمات، والحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، ومبدأ عدم التمييز.
سادسا: إعلان فيلادلفيا:
- أكد في مادته الأولى على:
تحرير العمل من كونه سلعة، واعتبار حرية الرأي والاجتماع أمرين لا غنى عنهم لاستمرار التقدم، وأن الفقر في أي مكان يشكل خطرا على الرفاهية في كل مكان، وعلى تضافر جهود الشركاء الاجتماعيين الثلاثة في محاربة العوز.
-        ويقر في المادة الثانية بأن:
لجميع البشر، أيا كان عرقهم أو معتقداتهم أو جنسهم الحق في العمل من أجل رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في ظروف توفر لهم الحرية والكرامة والأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص.
الالتزامات المتعلقة بالحق في العمل :
يقع الالتزام بالحق في العمل- مثله مثل كافة حقوق الإنسان- على عاتق الدول، فالدول هي المسئولة عن إعمال حقوق الإنسان والوفاء بها، حيث تلزم الدول نفسها- عندما تصدق على العهود والاتفاقيات- القيام بالواجبات المنصوص عليها فيها والوفاء بها.
ويُحمل كل حق من حقوق الإنسان الدولة بالتزامات محددة تجاه مواطنيها، عليها بذل قصارى جهدها للوفاء بها.
التزامات الدولة بالحق في العمل :
تلتزم الدول بالوفاء بحقوق الإنسان طبقا للمعايير الدولية، ويتضمن ذلك التزامات على الدول هي: الاحترام، والحماية، والأداء، والتعزيز. كما يعتبر عدم التمييز عنصرا أساسيا من عناصر التزام الدول في كل أعمالها. وجوهر التزام الدولة بالحق في العمل هو احترام وحماية وكفالة إمكانية قيام كل شخص بعمل يختاره أو يقبله بحرية لكسب الرزق.
التزام الدولة باحترام الحق:
على الدولة في التزامها باحترام الحق في العمل أن لا تعتدي على الفرص المتاحة أمام الأفراد لكسب رزقهم، وأن لا تتخذ أية تدابير تحول دون تمتع المواطنين بالحق في العمل، وأن تمتنع عن أي سلوك يهدد تمتع الأفراد بسبل التي اختاروها لكسب رزقهم. فلا تحطم أكشاكا، ولا تدمر مزارعا، ولا تطارد باعة جائلين، ولا تصفي مصانع، ولا تفصل عمالا... الخ.
التزام الدولة بالحماية:
تلتزم الدولة لتوفير الحماية الحق في العمل، بأن تحمي فرص العمل وتمنع تدميرها أو الاعتداء عليها من أي طرف، وتحمي حق كل مواطن في العمل من أية اعتداءات عليه أو تقويضا له من أي شخص أو جهة. سواء أتخذ ذلك صور البلطجة أو فرض الإتاوات، أو الاحتكار أو الاستغلال أو غيرها من صور اعتداء الآخرين أو إعاقتهم لحق الإنسان في العمل. ويكون ذلك بسن التشريعات وفرض العقوبات واتخاذ الإحتياطات اللازمة لمنع مثل تلك الأعمال التي تعتدي على الحق في العمل.
التزام الدولة بالإتاحة:
تلتزم الدولة إعمالا للحق في العمل بالقيام بأداء أعمال من شأنها توفير فرص جديدة لكسب الرزق لكل فرد لا يتمتع بمثل هذه الفرصة، وإزالة المعوقات التي تحول دون تمكنه من ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان تمتع جميع المواطنين بالحق في العمل. وذلك بوضع وتنفيذ خطط لمواجهة البطالة وحل مشكلتها.
التزام الدولة بتعزيز الحق:
تلتزم الدولة لتعزيز الحق في العمل بتحسين فرص التمتع بالعمل، بوضع الخطط والاستراتجيات اللازمة لاستيعاب طالبي العمل الجدد، واعتماد الميزانيات اللازمة لذلك ومتابعتها، وتحفيز الاستثمار في المشروعات التي توفر فرص عمل، ووضع وتنفيذ الخطط والتشريعات اللازمة لتحسين بيئة العمل، وضمان التقدم المضطرد في شروط وظروف العمل وتحسينها.
التزام الدولة بعدم التمييز:
لقيام الدولة بالتزامها بعدم التمييز في حق العمل، يجب عليها ضمان عدم حرمان الأفراد من فرص العمل، أو من التمتع بالسياسات أو البرامج التي تتصل بالحق في العمل، بسبب: الجنس (النوع) أو اللون أو الدين أو الرأي أو الأصل العرقي أو القومي أو المكانة الاجتماعية أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. واتخاذ التدابير الايجابية اللازمة لإزالة الأوضاع التي تؤدي إلى التمييز بين المواطنين للتمتع بالحق في العمل أو تلك التي تميز بينهم بسبب أو بمناسبة الحق في العمل.

العمل اللائق:    
ايجاد فرص عمل للنساء والرجال في ظروف من الحرية والمساوة والأمان والكرامة الانسانية، يوفر الأمان للعاملين في مكان العمل ويوفر الحماية الاجتماعية للعاملين وأسرهم، ويوفر فرصا جيدة للتنمية الشخصية والمهنية ويشجع على الاندماج الاجتماعي، ويعطي البشر الحرية في التعبير عن همومهم ومخاوفهم وتنظيم انفسهم والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم، وضمان تكافؤ الفرص والمعاملة المتساوية للجميع".
الأهداف الاستراتيجية الأربع للعمل اللائق من خلال:
·         إحداث مزيد من فرص العمل للمرأة والرجل،
·         تعزيز الحماية الاجتماعية وإتاحتها للجميع،
·         تعزيز مبدأ الثلاثية والحوار الاجتماعي،
·         تعزيز تطبيق المعايير الدولية  والحقوق الأساسية في العمل.
-        توفير فرص العمل .
-        الأجر اللائق
   أما فيما يتعلق بمؤشر الأجر اللائق، والذي يعني ببساطة ان العاملين يجب ان يحصلوا على أجور لقاء عملهم الأساسي يوفر لهم الحياة الكريمة، فإن هنالك فجوة كبيرة بين معدلات الاجور التي يحصل عليها الغالبية الساحقة من الأردنيين وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم.
-        التأمينات الاجتماعية
يحتل موضوع الضمان الاجتماعي للعاملين مكانة متقدمة في سلم اولويات المعايير الدولية للعمل واهتمام المنظمات الانسانية والعمالية في مختلف انحاء العالم باعتبارها من الحقوق الانسانية الأساسية التي لا يجوز تجاوزها. لذلك فإن توفير الضمان الاجتماعي أحد معايير العمل اللائق موضوع هذا التقرير.
-        الحق في المفاوضة الجماعية :
ومن المعايير الأساسية للعمل اللائق تمكين العمال من حق التفاوض مع أرباب العمل من أجل الدفاع عن حقوقهم وتحسين شروط عملهم، الأمر الذي يتطلب تمكينهم قانونيا وعملياً من تنظيم انفسهم في منظمات نقابية (نقابات عمالية) لضمان امكانية اجراء المفاوضة.
المساواة بين الجنسين وبرنامج العمل اللائق
      إن الهدف الإجمالي للعمل اللائق هو إحداث تغيير إيجابي في حياة الناس على المستويين الوطني والمحلي. وأفضل طريقة لتنفيذ برنامج العمل اللائق هي من خلال سياسة متكاملة ومنسقة وتدخلات مؤسسية تغطي الأهداف الاستراتيجية لمنظمة العمل الدولية - خلق فرص العمل، الحماية الاجتماعية، الهيكل الثلاثي والحوار الاجتماعي، المبادئ والحقوق. ويشكل نهج شمولي بشأن المساواة بين الجنسين جزءاً أساسياً من برنامج العمل اللائق.
الحماية الاجتماعية :
    تمثل الحماية الاجتماعية أداة متينة للتخفيف من حدة الفقر وانعدام المساواة. ويمكن أن تترافق السياسات الاجتماعية المصممة بشكل جيد مع الأداء الاقتصادي القوي. ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، سيكون أقل من ٢ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ضرورياً لتوفير مجموعة أساسية من إعانات الضمان الاجتماعي لجميع الفقراء في العالم ومن شأن وضع أساليب مجدية من الناحية التقنية ومستدامة من الناحية المالية لتوسيع تغطية الرعاية الصحية الأساسية وإعانة العائلة/ الأطفال ودعم الدخل المستهدف للفقراء والعاطلين عن العمل ومعاشات التقاعد والإعاقة، أن توفر الحد الأدنى من شبكة السلامة. وقد استهلت الحملة العالمية بشأن الضمان الاجتماعي وتوفير التغطية للجميع، التي تقودها منظمة العمل الدولية عام ٢٠٠٣ بهدف تحقيق تحسينات ملموسة في تغطية الضمان الاجتماعي في أآبر عدد ممكن من البلدان وجعل الضمان الاجتماعي يتصدر برنامج السياسات الدولي. وبما أنّ الفقر يتمتع ببعد جنساني لا يمكن تجاهله وآثار النمو الاقتصادي لم تصل إلى الناس الأشد فقراً، من شأن السياسات العامة التي تشجع التوزيع العادل للموارد الوطنية من خلال تنفيذ نظم الضمان الاجتماعي، أن تساهم مساهمة جوهرية في انتشال الناس الأشد فقراً من بؤرة الفقر المدقع.
سبل الحصول على المبادئ والحقوق :
     تمثل معايير العمل الدولية وسيلة أولية لنشاط منظمة العمل الدولية الرامي إلى تحسين ظروف العمل والعيش وترويج المساواة في مكان العمل لجميع العمال. وبغض النظر عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية، فإنّ الاتفاقيات ذات الصلة تمثل حداً أدنى من الحماية بالرغم من تشجيع الدول، بطبيعة الحال، على توفير ظروف أآثر مواتاةً وفقاً لظروفها الوطنية.
ويرتبط تطور المعايير عموماً في منظمة العمل الدولية ارتباطاً وثيقاً بعملية إعادة التقييم العالمية للتمييز والمساواة. وبعد أولى العقود من النصوص التي وفرت الحماية للنساء في العمل المنظم، شهدت سنوات ما بعد الحرب اعتماد أول اتفاقيتين رئيسيتين بشأن المساواة. ومنذ النصف الثاني من السبعينات ولغاية اليوم، آرست المعايير سياسات الأمم المتحدة التي تحولت من النظر إلى المرأة باعتبارها "شيئاً" ضعيفاً إلى الاعتراف بها آجهة فاعلة مرآزية في جميع جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
معايير الالتزام بالحق في العمل:
لقيام الدولة بالتزاماتها في الوفاء بحقوق الإنسان ومنها الحق في العمل يجب أن تستوفي المعايير التالية:
1- التوافر:
لكي تفي الدولة بالتزاماتها في توفير الحق في العمل، يجب أن توفر القدر الكافي من الوظائف بنحو يستوعب كل من يبحث عن فرصة عمل ويقدر عليه. وفي جميع الأحوال يجب مراعاة أن يكون العمل أكثر عدالة وإنسانية ولائقا بكرامة الإنسان، وعلى الدول أن تسعى لتوفيره بتطبيق الأهداف التالية:
(أ) خلق وظائف، من خلال أنظمة تنمية اقتصادية تؤمن فرص العمل والاستثمار، وروح المبادرة وخلق الوظائف، وسبل العيش المستقرة والدائمة.
(ب) تأمين حقوق العمل، باحترام وحماية حقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية، وحقوقهم في المشاركة والتمثيل، وذلك بسن التشريعات التي تقر وتحمي هذه الحقوق.
(ج) توسيع الحماية الاجتماعية، والتأكيد على العمل في شروط آمنة. وتوفير ضمان التأمينات الاجتماعية والصحية الملائمة.
(د) توفير خدمات التوجيه والتدريب المهني لإعداد الراغبين في العمل للالتحاق بالفرص المتاحة.
(هـ) وضع سياسة وطنية فاعلة بشأن السلامة والصحة المهنية وحماية العمال من مخاطر الحوادث والعمل.
2- إمكانية الوصول:
           ويحمل هذا المعيار في طياته التزام الدولة عند قيامها بتوفير فرص العمل بأن تضمن إمكانية وصول مستحقي العمل وطالبيه إلى هذه الفرص بالضمانات الآتية:
إمكانية الوصول بدون تمييز: بحيث يتاح الحق في العمل وكسب الرزق لكل المواطنين بغير استثناء أو أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب.
إمكانية الوصول المادي: بأن تكون فرص العمل وكسب الرزق المتاحة في متناول المواطنين جميعا، وأن يكون الوصول إليها مأمونا، ولا يعرض طالبيها للمخاطر أو الابتزاز، كضرورة توفير واسطة أو تقديم رشوة وغيرها من صور تعويق الوصول الآمن للفرص التي تقابل الفقراء والضعفاء في المجتمع. وأن يتم ذلك من خلال نظام عادل وآمن ومعلن يسهل الوصول إليه والتعرف عليه، تتولاه أجهزة مختصة بالدولة معنية بالتشغيل والقوى العاملة. 
إمكانية الوصول الاقتصادية: بحيث يكون الوصول لهذه الفرص المتاحة في متناول القدرات الاقتصادية للمواطنين، أي تكون بدون تكلفة اقتصادية، أو مقابل رسوم قليلة ومناسبة لا تحد قيمتها من إمكانية التحاق الأشخاص المستحقين بها ويقدر على تحملها الفقراء، خاصة في مجالات التوجيه والتدريب المهني.
إمكانية الوصول للمعلومات: بحيث تتوفر المعلومات عن فرص العمل وكسب الرزق المتاحة للكافة، وأن تعرض الإمكانيات المتوفرة والشروط اللازمة لشغلها أو الإجراءات التأهيلية المطلوبة للفوز بها بشكل علني وبوسائل تصل للكافة بغير حجب أو تأخير بحيث تتكافأ فرص الجميع في المعرفة والمعلومات عن فرص العمل المتاحة والممكنة.
3- الجودة:
تلتزم الدولة بضمان الجودة لكافة الفرص التي تعلن عنها للعمل بضمان تمتعها بأجر عادل وكافي ولساعات مناسبة، وأنها تراعي شروط السلامة والصحة المهنية، والأمان الوظيفي من حيث المساواة والتكافؤ في العمل وفرص الترقي وغيرها من شروط وظروف العمل الآمن والكامل.
بالإضافة إلى ضمان الجودة في مستوى خدمات التوجيه والتدريب والمراقبة والإشراف التي تلتزم الدول بتقديمها من خلال أجهزتها. وضمان توافر العلمية والكفاءة والتطوير والمداومة فيها.
4- المقبولية:
وهو المعيار الذي يتم به قياس مدى مناسبة ما تقدمه الدولة عند قيامها بالتزاماتها في توفير حقوق الإنسان للقيم المقبولة في المجتمع، وأنها تراعي في ذلك المساواة وعدم استبعاد أي فئة من الاستفادة منها. كأن تعلن عن وظائف لكنها لا تناسب النساء، أو تستبعد بعض أصحاب ديانات أو عقائد معينة، سواء من حيث أماكن تواجدها أو مواعيدها أو شروط شغلها. أو بمسميات مستهجنة أو مرفوضة من المجتمع والناس.



عناصر التزام الدولة تجاه الحق في العمل:
-        خدمات التوجيه والتدريب المهني، والتشغيل:
تلتزم الدولة "بتوفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين"، والأخذ "بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مضطردة وعمالة كاملة ومنتجة"، وبهذا يكون على الدولة واجب توفير التوجيه والتدريب المهني للجميع، باعتباره التزاما واقعا على عاتقها يتعلق بحق أساسي من حقوق الإنسان، وأن يكون ذلك بدون مقابل، أو مقابل رسوم مناسبة لا تحد قيمتها من إمكانية التحاق الأشخاص المستحقين بها. لما في ذلك من أهمية تعويض الفقراء في سد ثغرة سوء التوزيع في فرص العمل في غير صالحهم، فحرمانهم من الاستفادة من التقدم العلمي والتدريب الناتج عنه والمؤدي إليه يستبعدهم من الكثير من فرص العمل، إما بسبب عدم تأهلهم بالقدر الكافي لشغل فرص العمل المتقدمة وذات الدخول الأعلى في ظل بروز تقسيم جديد للعمل يتطلب قدرات وخبرات جديدة لا يمكن اكتسابها إلا بالتعليم أو التدريب الراقيان، أو بسبب التمييز ضد الفقراء لصالح الأغنياء (ولاد الناس الأكابر) بسبب الواسطة والمحسوبية وتوريث الوظائف الراقية في كل المهن الجالبة للثروة أو المتحكمة فيها (البنوك، البترول، الدبلوماسية، وغيرها حتى وصل الأمر للمناصب السياسية) في ظل شيوع ظاهرة تقسيم الكعكة بين الحكام والمتحكمين في الثرة بعيدا عن الشعب وبغض النظر عن الكفاءة والمهارات.
-        العمالة الكاملة والمنتجة:
يتضمن التزام الدولة بالحق في العمل، الالتزام "باتخاذ تدابير مناسبة لتحقيق العمالة الكاملة"، ويتضمن مفهوم "العمالة" العمل بأجر وعمل الشخص لحساب نفسه، ويجب أن يتم هذا الالتزام "بأقصى ما تسمح به الموارد المتاحة، وبأكبر سرعة ممكنة". أي أن التزام الدولة بتحقيق العمالة الكاملة لكل المواطنين يمكن تحققيه بشكل تدريجي حسب الموارد المتاحة للدولة، بشرط أن يتم ذلك بأقصى ما تسمح به هذه الموارد وبأكبر سرعة ممكنة، ولا يرجأ هذا السماح التزام الدولة بتوفير العمل لكل من يقدر عليه ويطلبه، ولكنه يعني أن تلتزم الدولة وهي تتخذ إجراءات وتدابير توفير فرص العمل المطلوبة لتجنب البطالة ومعاناة العاطلين وتوفير أنشطة جديدة لاستيعاب القوى المتاحة في سوق العمل، مع الالتزام- وفي كل الأحوال- بأن توزع الفرص المتاحة للعمل على جميع الراغبين والقادرين بالمساواة وبدون تمييز، وبقواعد عادلة وعن طريق التدرج للإعمال الكامل للحق من خلال خطة تهدف إلى الوصول إلى مبدأ توفير العمل المنتج والكامل لكل من يقدر على العمل ويطلبه.
-        توفير الحماية والضمان في العمل:
يجب أن تراعي السياسات الهادفة لضمان العمالة الكاملة كثير من الأنشطة التي تجري خارج قطاع السوق وتنطبق عليها صفة العمل، وإن كانت لا تدر دخلا ولا يكسب القائمون بها أرزاقهم عن طريقها رغم الضرورة البالغة لبعضها. وتقوم النساء في أغلب الأحوال بمثل هذه الأعمال ودون أن تتقاضى عليها أجورا، وتشكل هذه الأنشطة جانبا هاما من جوانب الاقتصاد وتنتمي لقطاع يمكن أن نطلق عليه قطاع "العمل الاجتماعي الخاص"، وهو يتضمن في الأساس تربية الأطفال ورعاية المسنين والأعمال المنزلية، وما يمكن وصفه بتحسين نوعية الحياة والحفاظ على الأسرة والمجتمع، والتي تهدد في حالة اختفائها باختلال وعواقب وخيمة على البنية الاجتماعية، خاصة إذا ما تركت لاقتصاد السوق ورغبات الربح الجامحة. وعلى الدولة في ذلك مراعاة هذه الفئات بتوفير الحماية والدعم والضمانات الاجتماعية والصحية وغيرها.
-        توفير ضمانات العمل اللائق الذي يصون كرامة الإنسان:
العمل اللائق هو العمل المنتج الذي تكون فيه الحقوق مصانة، ويدر دخلاً كافياً لحياة العامل وأسرته حياة كريمة، مع توفر حماية اجتماعية كافية. وهو يعني أيضاً العمل الكافي، بمعنى أن تتوافر للجميع الإمكانية التامة للوصول إلى فرص كسب الدخل. وهو يفتح الطريق أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أي الطريق الذي يمكن فيه تحقيق العمالة والدخل والحماية الاجتماعية دون النيل من حقوق العمال ومن المعايير الاجتماعية. ويرتكز مفهوم العمل اللائق على أن العمل هو مصدر الكرامة الشخصية، والاستقرار العائلي، وأمن وسلامة المجتمع، والديموقراطية والتنمية التي تنشدها الشعوب وتهدف إلى خلق فرص من أجل عمل منتج يدعم جهود الإنسانية لمواجهة الفقر.ويفضل معظم الأفراد العمل بأجر أو العمل لحسابهم الخاص في قطاع السوق لأنها تتيح لهم مستويات معيشة أعلى. وفي جميع الأحوال يجب مراعاة أن يكون العمل أكثر عدالة وإنسانية ولائقا بكرامة الإنسان، وعلى الدول أن تسعى لتوفيره بتطبيق الأهداف التالية:
(أ) خلق وظائف، من خلال أنظمة تنمية اقتصادية تؤمن فرص العمل والاستثمار، وروح المبادرة وخلق الوظائف، وسبل العيش المستقرة والدائمة.
(ب) تأمين حقوق العمل، باحترام وحماية حقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية، وحقوقهم في المشاركة والتمثيل، وذلك بسن التشريعات التي تقر وتحمي هذه الحقوق.
(ج) توسيع الحماية الاجتماعية، بتعزيز المشاركة والإنتاجية للرجال والنساء والتأكيد على عملهم بشروط آمنة تسمح لهم بأوقات للراحة، مع أخذ استقرار العائلة والظروف الاجتماعية في الحسبان، وتوفير ضمان تأمينات ملائمة لتعويض العامل في حالة فقدان العمل أو انخفاض الدخل، وتوفير رعاية صحية مناسبة.
(د‌)    تعزيز أسلوب الحوار والمفاوضة لحل النزاعات، حيث أنهما أول الاختيارات لحل المشاكل، ويعتبر الحوار الاجتماعي بين منظمات العمال وأصحاب الأعمال ضروريا للطرفين، ولتحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاج وتجنب التوتر في العمل والمجتمع. (تابع الإضرابات القائمة والمتصلة في مصر، وشكوى العمال من عدم وجود من يسمعهم أو يتفاوض معهم حول مطالبهم، والثمن الذي يدفعونه للحصول على أبسط حقوقهم نتيجة غياب ذلك[5]).
ومن صور العجز عن توفير العمل اللائق: التعرض للبطالة الكاملة أو العمل الجزئي، أو العمل في وظائف غير منتجة أو ذات نوعية سيئة. وكذلك العمل الخطر، أو العمل بدخل غير آمن، أو التعرض لإنكار الحقوق، أو لعدم المساواة بين الجنسين، أو استغلال العمال المهاجرين، أو الافتقار إلى التمثيل والقدرة على توصيل الصوت (منظمات العمال ونقاباتهم)، أو نقص ضمانات تأمين مخاطر المرض والحوادث والإصابة والعجز والشيخوخة والوفاة (التأمينات الاجتماعية).
وتعد من أهم مظاهر ومؤشرات العجز عن العمل اللائق ونتائجه، عدم قدرة أكثر من نصف عمال العالم من إنقاذ أنفسهم وأسرهم من الوقوع تحت خط الفقر، المحدد بدولارين في اليوم للشخص الواحد، وتقع معظم بلدان العالم في هوة التمييز بين الجنسين خاصة من حيث نوعية وكمية الاستخدام في العمل، حيث تعمل أكثر النساء في الاقتصاد غير النظامي المفتقد لأية حماية اجتماعية. كما أن انتشار البطالة بين الشباب وخاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 15- 24 سنة والتي بلغت حوالي 88 مليون شاب في العالم، أي حوالي نصف عدد العاطلين في العالم رغم أن نسبتهم من السكان لا تزيد عن 25% من القادرين على العمل. وأيضا في تضخم هجرة العمال والذين بلغ عددهم 86 مليون عامل مهاجر على مستوى العالم نصفهم تقريبا من البلدان النامية[6].
مضمون مفهوم الحق في العمل:
المحتوى الأساسي لأي حق من حقوق الإنسان هو الاستحقاقات المحددة التي تشكل هذا الحق، وعادة ما ينطوي هذا المحتوى على خصائص عامة وأخرى خاصة أو متفردة. والخصائص العامة هي تلك التي تنطبق على جميع الحقوق، مثل المساواة وعدم التمييز، أما الخصائص الخاصة فهي تلك التي ينفرد بها الحق ذاته.
ويحتوي الحق في العمل حق كل إنسان في عمل، وتوفير وتوزيع فرص العمل بنحو يستوعب كل من يبحث عن فرصة عمل ويقدر عليه، ومن خلال مساواة كاملة وعدم تمييز.
ويتوقف تحديد نوع العمل على الإمكانيات المتاحة للفرد من القدرات الطبيعية والتعليم والتدريب. ويتمتع الإنسان بالحق في العمل من خلال تأديته عملا مأجورا لدي الغير أو بعمل لحساب نفسه، على أن يضمن له العمل كسب رزقه، ويكفل له وأسرته حياة كريمة ومستوى معيشة لائق.
والحق في العمل لا يتحقق بالمشاركة في أي نوع من الأنشطة الاقتصادية، ولكنه يتضمن حق كل إنسان في أن يختار عمله أو يقبله بحرية، أي أن العنصر الأساسي في حق العمل هو الاختيار والحرية في ممارسة النشاط الاقتصادي الذي يوفر للإنسان مورد كسب الرزق. فلا يعني الحق في العمل مجرد توزيع العمل بما يسمح بمشاركة الجميع في الأنشطة الاقتصادية، بل يعني أيضا حق كل فرد في اختيار الأسلوب الذي يفضله لكسب رزقه. 
ويتصل بذلك مفهوم المحتوى الأساسي الأدنى للحق، الذي يعتبر نقطة الانطلاق لبلوغ الحق والتمتع به وليست الغاية المنشودة منه. والحد الأدنى للحق هو الحد الغير قابل للتفاوض أو التنازل والذي يجب كفالته لجميع البشر وفي جميع الأوضاع وتحت أية ظروف، فالمحتوى الأساسي الأدنى لأي حق يعني "الحد الأدنى" الذي لا يجوز لأي حكومة النزول عنه بغض النظر عن الوضع الاقتصادي في البلد، ويعني هذا في حق العمل كفالة إمكانية كل فرد في كسب رزقه من عمل، وضمان حريته في اختيار هذا العمل أو قبوله.
ويفضي الاعتراف بالحق في العمل إلى أن لكل فرد الحق في العمل، بما يعنيه ذلك من الحق في المشاركة في إنتاج أنشطة المجتمع الإنساني أو خدماته، ومن الحق في المشاركة في الفوائد العائدة من هذه الأنشطة المشتركة، إلى الحد الذي يكفل مستوى معيشة لائق بالإنسان وأسرته، ومن ثم فالحق في العمل يكفل عدم استبعاد أي فرد من أنشطة الحياة الاقتصادية في المجتمع ومن التمتع بعوائدها.
المعايير الدولية للحق في العمل:
يُعد إقرار ومراقبة معايير العمل الدولية واحدا من أهم أعمال منظمة العمل الدولية، وتأخذ هذه المعايير إما شكل اتفاقيات أو توصيات في موضوعات واسعة ومتنوعة فيما يخص حقوق الإنسان المتعلقة بالعمل، مثل حرية الاختيار، ومنع العمالة القسرية والقضاء على التمييز في العمل بما في ذلك الأجور وساعات العمل والسلامة والصحة المهنية وإدارة العمل والضمان الاجتماعي. ويتعلق يعضها بكل العمال في حين تشير أخرى إلى مجموعات محددة، مثل العمال الشباب والمهاجرين والنساء والعمال الزراعيين أو العاملين في البحر.
- تنص المادة الأولى/2 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 122 لسنة 1964 بشأن سياسة العمالة[7]:
على واجب الدول في "توفير فرص عمل لجميع المستحقين للعمل والباحثين عنه".
- وتنص المادة الأولى من "الميثاق الاجتماعي الأوربي"[8]، على أن:
"تتعهد الدول الأطراف، بقصد ضمان ممارسة فعلية للحق في العمل:
1-     الإقرار بأن أحد أهدافهم ومسئوليتهم الأساسية هو تحقيق واستمرار أعلى مستوى للعمل، وأفضله استقرارا، بهدف تأمين الشغل للجميع.
2-     بتوفير حماية فعالة لحق العامل، في كسب معيشته من عمل يختاره بحرية.
3-     بإنشاء خدمات عمل مجانية لكل العمال، أو بدعم استمرارها.
4-     بتأمين وتشجيع التوجيه والتعليم والتأهيل المهني المناسب."
- تنص المادة السادسة من بروتوكول "سان سلفادور" لسنة 1988، على أن:
"لكل شخص الحق في العمل، وأن يشمل ذلك الفرصة في ضمان وسائل معيشية توفر له وجودا كريما ولائقا عن طريق أداء نشاط يتم اختياره بحرية ويكون مشروعا ومقبولا".
- كما تنص المادة السابعة من نفس البروتوكول على الشروط التي يجب على الدول اتخاذها في تشريعاتها فيما يتعلق بالحق في العمل وتضمن:
1-    المكافأة التي تضمن- كحد أدنى- لكافة العمال الأوضاع المعيشية الكريمة واللائقة لهم ولأسرهم، والأجر العادل لما يقدمونه من عمل دون تمييز.
2-    حق كل عامل في ممارسة حرفته وتكريس نفسه للنشاط الذي يحقق آماله، وفي تغيير عمله وفقا للوائح ذات الصلة.
3-    حق كل عامل في الترقي في عمله، مع الوضع في الاعتبار مؤهلاته وتخصصه وأمانته وأقدميته، والحق في استقراره الوظيفي طبقا لطبيعة كل صناعة ومهنة، وأن يستند الفصل من الخدمة على أسباب عادلة، وأن يستحق التعويض عن الضرر، أو العودة للعمل، أو الحصول على إعانات في حالات الفصل الجائر.
4-    ضمان السلامة والصحة المهنيتين، والصحة العامة أثناء العمل.
5-    حظر العمل الليلي، أو العمل في ظروف غير صحية أو خطيرة، وبصفة عامة حظر كافة أنواع العمل الذي يعرض الصحة والسلامة والأخلاق للخطر بالنسبة للأشخاص تحت سن الثامنة عشرة، ويخضع يوم العمل- بالنسبة للأشخاص القصر تحت سن السادسة عشرة- للأحكام التي تتعلق بالتعليم الإلزامي، على ألا يمثل العمل- في كل الأحوال- عائقا أمام الانتظام في المدرسة أو الحد من الانتفاع من التعليم المتاح.
6-    تحديد ساعات العمل- اليومية والأسبوعية- بشكل معقول، ويراعى تخفيضها في حالة الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة وفي حالة العمل الليلي.
7-    تحديد أوقات الراحة ووقت الفراغ والأجازات مدفوعة الأجر، والأجازات القومية.
مضمون الحقوق المتعلقة بظروف العمل وحقوق العمال:
ترتبط حقوق العمال، والحقوق المتعلقة بظروف العمل ارتباطا وثيقا بالحق في العمل، ويقصد بحقوق العمال المتصلة بالحق في العمل مجموعة من الحقوق التي تكفل الحماية للشخص الذي يبيع قوة عمله، وتتضمن ما يلي:
1-  الحق في ضمان وصيانة كرامة العمال في علاقات العمل.
2-  الحق في اختيار العمل أو قبوله بحرية.
3-  الحق في الحصول على أجر كاف من العمل.
4-  الحق في العمل لساعات محددة ومقبولة، يتخللها فترات راحة.
5-  الحق في المساواة في الأجر، عند تماثل قيمة العمل.
6-  الحق في المساواة في المعاملة وعدم التمييز.
7-  الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية، والعمل في بيئة نظيفة.
8-  الحق في تكوين نقابات، والانضمام إليها.
9-  الحق في الإضراب عن العمل.
10- حقوق العمال المهاجرين.
11- تقييد عمل الأطفال وحمايتهم.
12- حماية عمل النساء.
13- الحق في الضمان الاجتماعي.
حماية عمل النساء:
     تواجه النساء صعوبات أكبر من الرجال في العثور على العمل، وعندما تحصل عليه تعمل تحت شروط أقسى وظروف أصعب، وينشط نحو ثلثي العاملات في العالم النامي في الاقتصاد غير المنظم، وأغلبهن يعملن في المنازل والشوارع في أكثر أشكال العمل غير المنظم عرضة لعدم الأمان والحماية وضعف الأجور، وحتى في العمل المأجور الأكثر انتظاما تظل الإناث أقل حظا من الذكور، رغم التشريعات والمعايير التي تحض على المساواة في الأجور.
ولقد جرت جهود كبيرة على المستويات الدولية والوطنية لمعالجة المساواة وعدم التمييز بين الجنسيين (المرأة والرجل) في حقوق العمل، ولكن ما زال التمييز المبني على النوع الاجتماعي يلاقي وجودا ونفوذا في عدة مجالات وحقوق، ورغم أثاره السلبية الواضحة على النمو الاقتصادي واستقرار العمل إلا أن المشوار مازال طويلا في اتجاه القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة في العمل وغيره من الحقوق الأساسية للإنسان.
وتحرص معايير العمل الدولية[9]على تعزيز المساواة بين الجنسين في العمل والاستخدام، وقد أصدرت منظمة العمل الدولية في ذلك أربع اتفاقيات أساسية هي:
-        اتفاقية المساواة في الأجور رقم 100 لسنة 1951.
-        اتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة رقم 111 لسنة 1958.
-        اتفاقية العمال ذوي المسئوليات العائلية رقم 156 لسنة 1981 التي "تطبق على العمال من الجنسين الذين لديهم مسئوليات تتعلق بأطفالهم .
-        اتفاقية حماية الأمومة رقم 183 لسنة 2000.
وتعتبر المهارات الدراسية والمهنية المتاحة للنساء متطلبات أساسية يجب توفيرها لضمان ارتقاء المرأة للوظائف المهنية والإدارية الأعلى، ومساعدتها المرأة على مواجهة الحواجز المسببة للفصل المهني على أساس الجنس.
ويشكل التوفيق بين مسئوليات العمل والعائلة ركنا أساسيا في عمل النساء، ويتطلب ذلك تدعيم حماية الأمومة والتوفيق بين العمل والمسئوليات العائلية وما يرتبط بذلك من تحديد ساعات العمل والراحات وشروط وظروف العمل الأكثر مناسبة للمرأة وواجباتها العامة، وما يرتبط بذلك أيضا من توسيع نطاق التأمين الاجتماعي ليشمل إعانات الأمومة ورعاية الأطفال سواء للأم العاملة أو لزوجة العامل المؤمن عليه.
وللموازنة بين مسئوليات العمل والمسئوليات العائلية، كثيرا ما تضطر المرأة لدخول سوق العمل والخروج منه عدة مرات خلال حياتها، فتفقد المزيد من مساحة المساواة مع الرجال، ليس فقط من حيث الضمان الاجتماعي المتراكم بل وأيضا في مجالات فرص التعليم والتدريب والترقي.
كما أن بعض الموروثات الثقافية تقف معوقة لتقدم المرأة في ممارسة بعض الوظائف والأعمال والترقي المهني والإداري، وتؤدي أحيانا إلى الفصل- رأسيا وأفقيا- بين النساء والرجال في بعض الوظائف، كما أن سيادة بعض القوالب النمطية عن خمول المرأة أو ضعفها أو خجلها أو عدم التزامها بأنظمة العمل وتعارض طبيعتها مع مسئوليات القيادة، حيث ترى القوالب النمطية أن الوظائف القيادية تحتاج إلى سمات ذات طابع  ذكوري كالتنافسية والحسم والشدة، وتستبعد خصال الاجتهاد والتعاون والصدق والصبر والنزاهة- رغم أنها الأهم- من شروط شغل الوظائف القيادية، مع أن جميع هذه الخصال هي صفات إنسانية لا تتوقف كثيرا على نوع الجنس.  وتجبر الثقافة السائدة النساء- في كثير من الأحيان- على هجر العمل المأجور والاكتفاء بالحياة العائلية، أو تؤدي بها لاختيار العمل الجزئي لبعض الوقت، مما يدعم حرمان النساء من فرص الترقي ، وتستخدم استفادة النساء من حقوق دعم الأمومة والولادة والرضاعة وغيرها لاستبعادها من الأعمال القيادية أو المميزة, فرغم زيادة حصة المرأة في الاستخدام الإجمالي في العمل المأجور في مصر- مثلا- بنسب قليلة إلا أن حصتها في مناصب الإدارة العليا تتناقص عند المقارنة في الفترة ما بين سنوات 1996- 1999 إلى الفترة ما بين سنوات 2000- 2002[10].
وتصل نسبة النساء العاملات 40 امرأة لكل 100 رجل في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتصل معدلات البطالة في نفس المنطقة للنساء إلى 16.5%، وعادة ما تتقاضى النساء أجورا تقل عن أجور الرجال.
وتشكل النساء حوالي 60% من العمال الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولار أمريكي واحد في اليوم، والذين يبلغ عددهم في العالم حوالي 550 مليون شخص، في نفس الوقت الذي لا تشكل نسبة النساء العاملات إلا 40% من العمال في العالم، والذين بلغ عددهم في عام 2003 إلى 2.8 مليار عامل[11].
أما في مصر فلا تزيد معدلات النشاط الاقتصادي للنساء عن 20.5%، بينما تصل نفس النسبة عند الرجال إلى 73.8%، في نفس الوقت الذي تزيد فيه نسبة البطالة عند النساء عن 19.9%، بينما تقدر نسبة البطالة بحوالي 5.1% عند الرجال[12].
الحق في الضمان الاجتماعي:
تركز المادة (22) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في الضمان الاجتماعي لكل إنسان بوصفه عضوا في المجتمع، وحقه في أن توفر له من خلال الجهود الوطنية والتعاون الدولي، وبما يتفق مع نظم وموارد كل دولة كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي هي لا غنى عنها لكرامة الإنسان وتنامي شخصيته في حرية.
ويواجه العمال التحدي في التمتع بالأمان في مواجهة حالات الطوارئ المفاجأة كالمرض والحوادث ووفاة العائل الرئيسي والعجز والشيخوخة والأمومة والبطالة، تلك الأمور التي تجعل العمال وأسرهم معرضين أكثر لخطر الفقر.
ولا يجد العمال إلا التضامن والتقاسم العادل للأعباء سبيلا لمواجهة تلك المخاطر. وتسهم نظم الضمان الاجتماعي عموما في أمن الإنسان وكرامته وفي المساواة والعدالة الاجتماعية. كما إنها تشكل أساسا للاندماج السياسي والتمكين وتنمية الديمقراطية.   
ويعترف إعلان فيلادلفيا وعدد من معايير العمل الدولية بالحق في الحصول على مستوى كاف من الحماية الاجتماعية كحق أساسي من حقوق الإنسان. ومع ذلك، ففي بلدان كثيرة لا يرقى واقع الحال إلى محتوى الحق المنشود، فما زالت نسبة الذين يشملهم الضمان الاجتماعي بحماية كافية أقل من 10% من بين اشد الناس فقرا، ويشكل هذا وقعا شديد السلبية على حياة الناس وعلى الحق في العمل نفسه. فهناك صلة مباشرة بين الضمانات الاجتماعية والعمل المنتج. وخاصة في ضمانات وتأمين الصحة وبوجه خاص توفير الحماية الصحية الكافية للنساء رغم أنهن يشكلن الأغلبية بين أشد الناس فقرا في العالم.
لا تتجاوز نسبة المشمولين بالتأمينات الاجتماعية القانونية في معظم البلدان منخفضة الدخل ، والتي تشمل ضمانات المعاشات أساسا والرعاية الصحية أحيانا أخرى، نسبة من 10 إلى 25% من العاملين وأسرهم، وإذا ما كتب لمحاولات مد مظلة هذه النظم لتشمل كل العمال النظاميين وبعض العمال في الاقتصاد غير المنظم، ربما يمكن تغطية نسبة أخرى قد تصل إلى 10% من القوى العاملة، في نفس الوقت الذي توجد فيه أسر فقيرة لا يمكنها سداد اشتراكات التأمينات الاجتماعية- حتى عند انخفاضها- بشكل منتظم، وتحتاج هذه الفئة إلى شكل من أشكال التدخل التكافلي أو الدعم للحاق بفرص الاشتراك في أنظمة التأمينات الاجتماعية.
إن الأسر الآمنة تقدم للإنسانية جماعات آمنة ومجتمعات مستقرة. لذلك تقود منظمة العمل الدولية أفكارا جديدة لتوفير التضامن الاجتماعي المتبادل بين الشعوب من خلال صندوق إنمائي اجتماعي عالمي، تسهم فيه شعوب البلدان الغنية بنحو 5 يورو شهريا، وتستثمر هذه الأموال في تحقيق خطط حماية اجتماعية أساسية في البلدان الأقل نموا.
معايير الحق في العمل وحقوق العمال في مصر :
يرتبط الحق بالعمل كما عرضنا من قبل بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، وهو الحق المؤثر والقاطرة لحقوق الإنسان الأخرى، ويساعد توافره على ممارسة الإنسان لحقوقه وتمتعه بها، كما أن الحقوق المتصلة به من أجر عادل وحق تكوين النقابات والانضمام إليها وحق الإضراب عن العمل وغيرها تدفع الإنسان للتقدم على طريق الحصول على بقية حقوقه، لما تقدمه حقوق العمال من ضمان حد مناسب من العيش اللائق بالإنسان والانتماء الفاعل للجماعة وممارسة فعلية لحقوق الرأي والتعبير والتنظيم، إن حق العمل هو- بحق- المدرسة الأولى التي يمارس من خلاله الإنسان حقوقه الشاملة ودوره في التنمية والجماعة.
علاقة العمل:
يعرف الفقه المصري العمل، بأنه عندما يؤدى إنسان (ذكر أو أنثى) عملا ما سواء أكان ذهنيا أو يدويا، وتحت إدارة وإشراف شخص آخر- طبيعي[13] أو اعتباري[14]- هو صاحب العمل، وأن يكون هذا الأداء مقابل أجر، وبذلك يعد هذا الإنسان عاملا، ويمثل طرف في علاقة عمل (عقد عمل) يتبع فيها طرف آخر هو صاحب العمل الذي يدير أو يشرف على العمل ويدفع الأجر للعامل. ويترتب على ذلك عدة حقوق والتزامات.
حيث يستحق الإنسان عندما يدخل في علاقة عمل (بالإضافة لحقوقه السياسية والمدنية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية - التي نستحقها جميعا- باعتباره إنسانا يحوز كرامة الإنسان ورفاهيته) ضمانات ورعاية وحماية، تنظمها قواعد حقوقية خاصة بالعمل، تقديرا لما يضيفه العمل من قيم وإبداعات وتقدم ورقي للإنسانية، ولحماية العمال وضمان قدرتهم على الاستمرار في العمل والإنتاج بأمان وبغير مخاطر ولا معوقات من مستقبل أفضل للحياة وللبشرية جمعاء.
مقترحات :
يمكن القول أن هنالك فجوة بين المعايير الدولية المكونة لمفهوم العمل اللائق وواقع وظروف العمل في مصر، سواء كان ذلك في مجال موائمة التشريعات العمالية مع المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، والمعايير الدولية للعمل، او في مجال تطبيقها على أرض الواقع، فهناك العديد من النصوص القانونية التي تتطابق مع المعايير الدولية للعمل، الا أن مستوى تطبيقها في الميدان متواضع. وعليه يصبح من الضروري التأكيد على بعض المقترحات التي ربما تسهم في تجسير الفجوة بين المغايير الدولية والتشريعات المحلية من بينها :
1)     تنشيط سوق العمل من خلال التركيز على المشاريع المشغلة للعمالة لاستيعاب أيدي عاملة جديدة وزيادة معدلات المشاركة الاقتصادية للمواطنين.
2)     العمل على تطوير بيئة عمل لائقة للعاملين في سوق العمل لتشجيع الالتحاق به من جانب ولتشجيع النساء للالتحاق والاستمرار فيه.
3)     تعديل قانون العمل في مجال التظيم النقابي أو اصدار قانون خاص ينظم العمل النقابي بشكل يتوائم مع معايير العمل الدولية. بحيث يسمح لجميع العاملين من تنظيم انفسهم بحرية تامة، دون اخذ موافقات من وزارة العمل، والاكتفاء بإعلام الجهات الرسمية بذلك، ويقر مفهوم التعددية النقابية.
4)     رفع مستويات الأجور لتصبح أكثر موائمة مع المستويات المرتفعة لأسعار السلع والخدمات الأساسية، وربطها بمؤشر التضخم.
5)     رفع مستوى الحد الأدنى للأجور ليأخذ بعين الاعتبار مستوى خط الفقر المطلق المعتمد ، وربطة بمؤشر التضخم بشكل سنوي.
6)     زيادة فاعلية أنظمة التفتيش المتبعة في وزارة القوى العاملة والمؤسسات ذات الصلة لضمان تطبيق الحدود الدنيا من الحقوق العمالية التي توفرها تشريعات العمل .
7)     إعادة النظر بمحتويات البرامج التدريبية التي تقدمها مؤسسة التدريب المهني وزيادة مخصصاته المالية، وإعادة تأهيل خريجي الجامعات من حملة الشهادة الجامعية الأولى لاكتساب مهارات توظف مؤهلاتهم العلمية وتؤهلهم للحصول على وظائف يحتاجها سوق العمل.
8)     إعادة النظر في المواد القانونية في قانون العمل والتي تيسر عمليات الفصل التعسفي للعاملين، وزيادة التعويضات للعاملين الذين يفصلون من أعمالهم بشكل تعسفي،
9)     تحسين آليات المفاوضة الجماعية ومنح النقابات العمالية المزيد من الاستقلالية والحد من تدخل الحكومة فيها.




[1] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، بموجب القرار217.
[2] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار رقم 2200 (أ) (د/ 21)، بتاريخ 16 ديسمبر 1966، ويسري تنفيذه اعتبارا من 3 يناير 1976.
[3] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار رقم 2200(أ) بتاريخ 16 ديسمبر 1966، ويسري تنفيذه من 23 مارس 1967.
[4] الإعلان العالمي للتقدم والتنمية، الصادر عن الأمم المتحدة في 11 ديسمبر 1969، بموجب القرار 2542 (بـ 24).
[5] انظر في ذلك، خالد علي عمر، العمال والمقاومة الاجتماعية، الصادر عن اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية، ومركز هشام مبارك للقانون، في عدديه الأول والثاني، 2007.
[6] انظر العجز في العمل العادل، مجلة عالم العمل الصادرة عن منظمة العمل الدولية، العدد 57، فبراير 2007، ص 7.

[7] الاتفاقية رقم 122 لسنة 1964 بشأن سياسة العمالة، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته رقم (48) بتاريخ 9/7/1964، وتاريخ بدء تنفيذها 15/7/1966.
[8] الميثاق الاجتماعي الأوربي، والذي دخل حيز التنفيذ في 26 فبراير 1965، وتم تعديله في 1996، ودخل حيز التنفيذ بعد التعديل في 7/1/1996.
[9] معايير العمل الدولية هي الحقوق الموجودة باتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية، وتعد كل اتفاقية من اتفاقيات منظمة العمل الدولية صكا قانونيا يفرض على كل دولة تصادق عليها أن تطابق قوانينها وممارساتها الوطنية معها وأن ترفع عن ذلك تقريرا دوريا لمنظمة العمل الدولية.
[10]  كتاب منظمة العمل الدولية السنوي حول إحصائيات العمل، لسنة 2003، انظر اختراق السقف الزجاجي: المرأة في الإدارة، الصادر عن مكتب العمل الدولي، بيروت 2005، ص 15، 16.
[11] تقرير اتجاهات الاستخدام العالمي للنساء 2004، الصادر عن منظمة العمل الدولية.
[12]  تقرير المرأة العربية: اتجاهات وإحصاءات، الصادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، نيويورك 2004، ص 27، جدول 13.
[13] الشخص الطبيعي: هو الإنسان الفرد ذكرا كان أو أنثى.
[14]  الشخص الاعتباري: وهو نوعان: الشخص الاعتباري الخاص كالشركات والجمعيات ويخضع لقانون العمل، والشخص الاعتباري العام (الدولة) ولا يخضع لقانون العمل، بل للقانون الإداري والعاملين لديه يخضعون لقانون العاملين المدنيين بالدولة (القانون رقم 47 لسنة 1978).    
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: العمل اللائق والحق في العمل Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top