بحث في الموقع

https://3aleem1.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأربعاء، 12 مارس 2014

دعوهم يلعبوا يرحمكم الله

   

        تبدأ الأسر المصرية منذ لحظة بدء العام الدراسي ، وربما قبلها بفترة كافية ، مرحلة الإعداد للعام الدراسي الجديد ، وهو شئ محمود في بعض جوانبه ، وتأتي على قائمة الإعداد مجموعة من الأوامر والنواهي ، توجه عادة للتلميذ ، أهمها ضرورة الالتزام بمواعيد النوم المبكرة ، والامتناع عن اللعب ، بوصفه سلوكا من شأنه أن يضيع الوقت( هباء دون فائدة) ، حسب ما  يعتقد الكثيرون من أولياء الأمور ، وربما يكونوا معذورين في هذا ، فالواجبات المدرسية التي تقع على عاتق التلميذ تثقل كاهله ، ولا يصبح هناك وقت للعب أو ترفيه أو متعة ، ومن ثم تؤجل كافة المشروعات المقترحة من هذا النوع داخل المنزل ، فلا وقت إلا للعمل والمذاكرة
      تبدأ معاناة الطفل منذ لحظة الخروج من البيت حاملا حقيبته وهي منتفخة بالكتب والكراسات فوق ظهره ، وكلنا شاهدون على هذا ، ثم الوصول إلى المدرسة حيث يبدأ النشاط اليومي ، والوقت المدرسي ثمين ، ولذا لا ينبغي أن يضيع بلا طائل ، وعليه يجب أن يكرس جميعه لشرح الدروس المقررة ، وأداء التطبيقات العملية عليها ، أما "الفسحة" فتخصص لمجموعات التقوية ، التي وضعتها الوزارةلمساعدة التلاميذ على التحصيل ، وينتهي اليوم الدراسي ليعود الطفل إلى البيت ، وطبعا لا وقت للراحة ، فالواجبات المدرسية ومراجعة الدروس لا تقل أهمية عن الحصص المدرسية ، وما إن ينتهي الطفل من كل هذا حتى يكون قد خارت قواه ، فلا يبقى وقت إلا للنوم والراحة ليبدأ غد جديد لا يختلف كثيرا أو قليلا عن اليوم ، رحلة معاناة يومية يعيشها الطفل ، ومع الوقت لا يصبح أمامه إلا اختيار من اثنين ـ أحلاهما مرـ الاستمرار في هذه المعاناة اليومية ، أو الإحباط واللامبالاة ، وفي كلا الاختيارين يتولد لدى الطفل إحساسا كريها بالعجز ، يتبدى في صور سلوكية عديدة ، لعل أوضحها هو العنف الذي يمارسه الطفل على ذاته أو على زملائه وأخوته وجيرانه ، وهو عادة ما يوقع أسرته في الحيرة ، دون أن يصلوا لعلاج ، والعلاج بين أيديهم ، ولكنهم لا يستطيعون تنفيذه بمعزل عن المدرسة ، العلاج الشافي هو اللعب .
       واللعب لا يمثل وقتا ضائعا ، أو سلوكا تافها لا فائدة منه كما يظن البعض ، بل هو فعل تربوي هام ورئيسي ، يمنح الطفل الاتزان البدني والنفسي ، ويشعره بالسعادة والاستمتاع . وهو أيضا وسيلة تعليمية ناجحة ، فعن طريق اللعب يمكن توصيل المعلومة أو المهارة المراد توصيلها  ، وعن طريق اللعب تتفتح حواسه وتنمو . واللعب أيضا وسيلة رئيسة في التنشئة الاجتماعية للطفل ، إذ باستخدام اللعب يتعلم الطفل قوانين الضبط الاجتماعي ، و قواعد السلوك ، مثلما يتعلم الانتماء والتكيف ، فتتكون منظومته القيمية ، وينشأ قادرا على التواصل مع المجتمع ومؤسساته الاجتماعية ، متقبلا لذاته ، ومن ثم متقبلا للآخر . إن اللعب ببساطة هو الفعل الذي يمنح الإنسان إنسانيته كما قال "شيللر" .
            ولكي يتمكن الأطفال من اللعب ، ولكي يصبح جزءا من المنظومة التربوية ، يجب أولا على أولياء الأمور أن يتعلموا كيف يتعاملون مع أبنائهم ، وأن يؤمنوا بحقهم في ممارسة الحياة ، وأن يعلموهم كيف يشاركون في صنعها ، وأن يمنحوهم الفرصة في اختيار الطريقة التي يحيون بها ، وربما يسأل سائل : وهل يوجد أحد لا يحب طفله ، ولا يتمنى أن ينشأ سويا معافى ، وأن يكون ناجحا في حياته وسعيدا ؟! والإجابة بالطبع   " لا " ، ولكن ما يحدث بالفعل هو العكس ، فوفقا لما يحدث في الواقع قد تتمكن الأسرة ومن ثم المجتمع من تنشئة وإعداد شخص ناجح (بمعايير العصر )، ولكنه لن يكون سعيد أو سويا ، والأمثلة أمامنا في الحياة اليومية وفي وسائل الإعلام لا حصر لها .

        ولكي يتمكن الأطفال من اللعب ، يجب على القائمين على العملية التعليمية في مصر أن يردوا لهذه الوسيلة التربوية الهامة اعتبارها ، بأن تصبح ضمن المنظومة التعليمية الرسمية ، أن يتعلم المدرس احترام اللعب ، وأن يتعلم كيف يلعب . أن تعدل المناهج والمقررات الدراسية لتتناسب مع اللعب كوسيلة تعليمية ، أن تتغير فلسفة التعليم ، أن نقلل من حجم الاعتماد على الذاكرة لصالح الاعتماد على كافة قدرات الطفل العقلية والحسية . أن تحترم حصص الرياضة البدنية ، وحصص الأنشطة العملية والترفيهية ـ الزراعة ، الرسم ، التدبير المنزلي ، النشاط الفني والثقافي ..الخ .... أن يوضع ضمن المنهج الدراسي برنامج للرحلات الترفيهية والثقافية ـ حدائق ، متاحف ، مسارح ..الخ وقبل كل هذا وذاك أن يؤمن القائمون على تربية الطفل جميعهم بحق الأطفال في اللعب .  
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: دعوهم يلعبوا يرحمكم الله Description: Rating: 5 Reviewed By: 3aleem
Scroll to Top